يستوقفني كثيراً أعمار بعض الشخصيات العظيمة التي رحلت عن الدنيا باكراً - في أعمار صغيرة - ، وأقف أتأمل كيف تركت ذكرها إلى يرث الأرض ومن عليها؟! وكيف ذهبوا إلى قبورهم بنجاحات جبارة؟! ورصيد من الأعمال يبهرك ..
الصحابي الجليل " معاذ بن جبل " - رضي الله عنه - إمام علماء هذه الأمة، والذي أخبرنا النبي عنه بأنه أعلم الناس بالحلال والحرام، مات في عمر " ٢٨ " فقط ، " سيبويه " إمام النحاة، النحوي الشهير مات في عمر " ٣٣ " فقط ، وغير بعيد عن اللغة العربية الشاعر الجميل، الملقب بشاعر الخضراء، نسبةً لتونس الخضراء " أبو القاسم الشابي " مات وهو في سن " ٢٥ " فقط !
حتى على مستوى الحكام لكم إن تعلموا أن " عمر بن عبدالعزيز " الذي سجلت في عهده أقل نسبة فقر في تاريخ الإنسانية ، والذي ملء أرض حكمه عدلاً مثل جده لأمه الفاروق ، حتى يحكى أن الذئب في عهده كان يرعى مع الغنم، وذات يوم انقض الذئب على الغنم، فقال الراعي : لقد حصل شيء لأمير المؤمنين، وبالفعل كان يوم وفاته! توفي وهو في ما يقارب من الأربعين عاماً، وما يدعوك للدهشة أكثر أن فترة حكمه كانت عامين ونصف فقط!
أقف أتساءل أي بركةٍ في العمر كانوا يملكون؟ وأي معرفة لأهمية الوقت كانوا يعرفون؟ لأن الوقت هو أغلى شيء في هذه الحياة، وأي سعي لطلب العلم والعمل كانوا يجتهدون؟
وأي أدرك للدنيا كانوا يعلمون؟ فهم حققوا أهدافهم قبل أن يباغتهم الموت فجأةً، وأوصلوا لنا رسالتهم على عجالة، لم يقولوا إن العمر لازال أمامهم، وأن السنين طوال .
ليس المهم كم ستعيش، وليس المهم متى يحين أجلك، المهم عمرك فيما أفنيته، ووقتك فيما أمضيته، ويومك فيما قضيته، وسنينك فيما صنعته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق