بقلم/ سالم عوض الربيزي .. بين الرياض وطهران ، تقارب يرسم ملامح جديدة للمنطقة - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الجمعة، 18 أبريل 2025

بقلم/ سالم عوض الربيزي .. بين الرياض وطهران ، تقارب يرسم ملامح جديدة للمنطقة

ما يحدث اليوم من تقارب بين المملكة العربية السعودية وإيران ليس مجرد تفاهم سياسي عابر، بل هو لحظة استثنائية في تاريخ منطقة طالما احترقت بصراع محموم بين قوتين إقليميتين كبيرتين. إنه تحوّل يحمل بين طيّاته إشارات عميقة على بدء مراجعة حقيقية للسياسات والمواقف، التي لطالما غذّت التوتر وعمّقت الجراح. هذا المشهد الجديد قد يكون نقطة بداية لعصر يتسم بالتوازن بدلًا من المواجهة، وبالانفتاح بدلًا من الانغلاق. إنه مشهد يترقبه العالم العربي والإسلامي بقلقٍ مشوبٍ بالأمل.

بعيدًا عن الشعارات، فإن هذا التقارب ينبع من مصالح ذاتية واضحة لكلا الطرفين، لكنه في الوقت ذاته، يُثلج صدور الشعوب التي دفعت – دون ذنب – كُلفة هذا الصراع الطويل. عشرات السنين من التنافس المحموم أنتجت أزمات متلاحقة، نزاعات دموية، وتحالفات متناقضة فرّقت الأمة بدل أن توحدها. ولعل عودة التواصل بين الرياض وطهران تُعيد للمنطقة توازنها المفقود، وتفتح المجال أمام تهدئة سياسية شاملة تُعيد الاعتبار لصوت الشعوب، لا صوت السلاح. إنها لحظة نادرة في التاريخ الحديث، تفتح أبوابًا مغلقة منذ عقود.

هذا التقارب، إن كُتب له الاستمرار، لن يكون مصدر بهجة فقط للمملكة العربيةالسعودية وجمهورية إيران، بل سيكون مدعاة فرح لشعوب بأكملها اكتوت بنيران هذا الصراع. فسنوات الصدام السعودي الإيراني أنتجت حقبة كانت من أسوأ ما مرّت به أمتنا وعلى رأسها شعبنا اليمني؛ حيث امتزجت فيها الأيديولوجيا بالسياسة، وذاب فيها الوطن تحت ثقل المشاريع الخارجية. لقد تحوّل الصراع إلى بركان مشتعل ألقى بحممه على العواصم العربية، وخلّف وراءه ركامًا من الحروب والدمار والشتات. واليوم، تتوق القلوب إلى لحظة تهدأ فيها هذه النار، ولو قليلاً.

نحن في اليمن لسنا غرباء عن هذا الصراع، بل كنّا ساحة من ساحاته، ووقودًا لحروبه. بلادنا، التي كانت تزهو بحضارتها، تحوّلت إلى أنقاض بفعل التدخلات والرهانات الإقليمية. دُمّرت البنية التحتية، وتحوّل الحلم اليمني إلى كابوس لا ينتهي. الدماء التي سالت، والدموع التي انهمرت، كانت نتيجة مباشرة لصراعٍ لا ناقة لنا فيه ولا جمل، سوى أننا كنا الحلقة الأضعف في معادلة القوة. وقعنا بين فكي كماشة؛ بين وكلاء يتحدثون باسمنا، وخصوم يدّعون الدفاع عنا.

ورغم كل هذا الألم، نفتح نوافذ الأمل لما يُمكن أن يُبنى على هذا التقارب من انفراجات. نحن لا نرى في هذا التقارب نهاية فورية للحروب، لكننا نراه بوابة نحو نقاش مختلف، وسلوك إقليمي جديد أكثر نضجًا. آن الأوان لأن تتوقف لغة النار، وأن يُستبدل التنافس الهدّام بتعاون يُراعي مصلحة الشعوب. ربما يجد اليمن، ومعه العراق وسوريا ولبنان، فرصة للملمة الجراح، واستعادة شيء من عافيته وسط زحام هذا العالم المتغير. فكل خطوة نحو السلام، مهما كانت صغيرة، تعني حياةً جديدة تنتظر أن تُعاش.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق