بقلم م. لطفي الصيعري .. مؤامرة تصفية مشروع الحكم الذاتي و قوات حماية حضرموت ، تحليل وخارطة طريق للمواجهة - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الأحد، 13 يوليو 2025

بقلم م. لطفي الصيعري .. مؤامرة تصفية مشروع الحكم الذاتي و قوات حماية حضرموت ، تحليل وخارطة طريق للمواجهة

لم نكن نرغب ان ينتقل الخلاف بين الانتقالي والحلف ، الى هذه الخصومة الفجة والمتناحرة ، خاصة وانهما في خندق واحد لمواجهة الهيمنة الشمالية ، وعقليات الضم والالحاق والاحتلال ، التي لازالت معشعشة في تفكيرهم . ولكننا مضطرين لتوضيح الحقائق لعل وعسى إن ترعوى قيادات الانتقالي عن هذا النهج الخاطئ ، ويعودوا لجادة الصواب ، وتتوحد جهود الجميع نحو العدو المشترك لحضرموت والجنوب ، الذي اوصلها الى هذه الهاوية السحيقة ، من الأزمات والجوع ونقص الخدمات .
ولكن قدر الله وماشاء فعل . حيث يشهد الوطن الحضرمي في الآونة الأخيرة تصعيداً غير مسبوق يكشف عن أبعاد مؤامراتية تهدف إلى إجهاض مشروع حضرموت السيادي والمتمثل في "الحكم الذاتي" وتشكيل "قوات حماية حضرموت" تحت قيادة حلف قبائل حضرموت. هذه المؤامرة، التي يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي ، ومستخدما فيها بعض قيادات قبائل سيبان الموالية له كالمقدم سالمين الجويد، تتجلى في تحركات عدائية وتهديدات باستخدام القوة، وتسعى لفرض واقع يخدم أجندات لا تتوافق مع تطلعات الشعب الحضرمي. الأخطر من ذلك، أن هذه المؤامرة تجد دعماً ضمنياً أو صريحاً من أطراف يفترض أنها تمثل السلطة الشرعية ، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول موقفهم ويجعلهم جزءاً من التآمر على تطلعات الشعب الحضرمي. إن فهم أبعاد هذه المؤامرة وتحديد سبل مواجهتها بات ضرورة ملحة لحماية المشروع الحضرمي.

أولاً: أبعاد المؤامرة وأهدافها:
تتخذ المؤامرة أشكالاً متعددة، وتستهدف بشكل أساسي:
 * إجهاض مشروع الحكم الذاتي: يعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي مشروع الحكم الذاتي في حضرموت تهديداً مباشراً لمشروعه "الجنوبي الموحد" الذي يسعى لضم حضرموت تحت نفوذه. لذا، تهدف هذه التحركات إلى إفشال أي محاولة لحضرموت لتقرير مصيرها بشكل مستقل.
 * منع تشكيل قوات حماية حضرموت: يدرك الانتقالي أن وجود قوة عسكرية حضرمية منظمة وموالية لحضرموت يمثل حجر الزاوية في أي مشروع سيادي. لذلك، تتركز جهوده على منع تشكيل هذه القوات .
 * ضرب تماسك الجبهة الحضرمية الداخلية: من خلال استغلال الخلافات القبلية أو افتعالها، حيث يسعى الانتقالي إلى شق الصف الحضرمي وتقويض الدعم الشعبي لحلف قبائل حضرموت ومشروعه . وقضية أرض العصارنة هي مثال واضح على هذا التكتيك، حيث يحاولون استغلال حساسيات الملكية القبلية لخلق انقسام.
 * تثبيت السيطرة والنفوذ: سواء  عبر القوات الموالية للانتقالي (لواء بارشيد ومليشياته)، او عبر القوات الشمالية المتواجدة (المنطقة العسكرية الأولى) ،  حيث يهدف الانتقالي إلى ضمان بقاء حضرموت ساحة نفوذ يمكنه التحكم بها، ومصدر موارد يدعم مشروعه الأكبر.
 * التضليل الإعلامي وتشويه السمعة: يتم استخدام حملات إعلامية واسعة لتشويه صورة حلف قبائل حضرموت، وتصوير تحركاته على أنها غير قانونية أو تخدم أجندات خاصة، بهدف عزل الحلف عن حاضنته الشعبية.
ثانياً: تكتيكات المؤامرة:
 * الاستقواء بالقبائل الموالية:
   * تحريك قبائل سيبان: يُعد تحريك بعض فصائل قبائل سيبان، بقيادة المقدم سالمين الجويد وغيره، للتحشيد ورفض إقامة المعسكر في أرض العصارنة، تكتيكاً رئيسياً. يتم تفعيل هذه القبائل كورقة ضغط قبلية، ويتم استخدامها كواجهة محلية لمشروع الانتقالي.
   * الطعن في شرعية القيادات: محاولة التشكيك في شرعية قادة قبائل العصارنة المنتمين للحلف ودعموا اقامة   المعسكر، لتدريب قوات حماية حضرموت حيث تركز هجومهم على شيخ طائلة العصارنة المقدم محمد سالم العصرني وبقية المقادمة  ، و هو جزء من استراتيجية أوسع لزرع الشقاق داخلياً وتفتيت قبائل حضرموت ، وهو نهج دأبوا عليه منذ ايام النهج الماركسي في الجنوب .
 * استغلال قضايا الملكية القبلية:
   * ادعاءات ملكية الأرض: يتم تصوير أرض العصارنة على أنها "ملك قبلي جماعي لكل سيبان " وهو خروج عن الاعراف القبلية الحضرمية ، فكل قبيلة هي سيدة ارضها ومالكته ولها حق  التصرف فيها ، اما الطائلة فهم داعمبن فقط للفخذ ولايحلون محلهم في ملكيتها ، كما أن وجيه الفخذ هو ملزم كوجيه للطائلة . وهم في مسعاهم هذا انما يحاولون لنزع الشرعية عن اتفاقية الحلف مع قبيلة العصارنة بشأن إقامة المعسكر، على الرغم من موافقة مشائخ العصارنة وشيخ شملهم ، كما بينه في بيانه بيوم ١٢ يوليو ٢٠٢٥م. 
   * تحويل القضية من سياسية إلى قبلية: يتم تضييق نطاق الصراع من كونه صراعاً سياسياً حول الحكم الذاتي و تشكيل قوات الحماية ، إلى نزاع قبلي على أرض، بهدف استنزاف الحلف في قضايا جانبية.
 * التجييش الإعلامي والضغط النفسي:
   * التحشيد الإعلامي المكثف: عبر قنوات ومنصات إعلامية موالية للانتقالي، يتم نشر أخبار مغلوطة، وبيانات رافضة، وصور لاجتماعات قبلية، بهدف إظهار وجود رفض شعبي واسع لمشروع الحلف.
   * التركيز على "الفتنة" و"شق الصف": يتم استخدام لغة تحذيرية من "الفتنة" و"إراقة الدماء" لإرهاب الناس وصرفهم عن دعم مشروع الحلف، بينما هم أنفسهم من يفتعلون التوتر.
   * المقارنات المغلوطة: السخرية من فكرة "شراء الأرض" أو طرح مشاريع سكنية بدلاً من المعسكرات، هي محاولة لصرف الأنظار عن الأجندة الحقيقية ومقايضة الأولويات الوطنية بمسائل أقل أهمية في هذا السياق.
 * التهديدات الأمنية والعسكرية:
   * إقامة نقاط مسلحة: نشر نقاط مسلحة بالقرب من معسكر الحلف، كما حدث في السحيمة، هو تهديد مباشر بالتصعيد العسكري والاشتباكات، بهدف إجبار الحلف على التراجع.
   * الاستقواء بقوات خارجية: ضمنياً، يستند الانتقالي إلى وجود قواته وقوات أخرى (شمالية أو جنوبية) منتشرة في حضرموت لتشريع رفضه لوجود قوات حماية حضرموت، في تناقض واضح.
ثالثاً: تورط السلطة الشرعية:
من الملاحظات المقلقة للغاية في سياق هذه المؤامرة هو الموقف غير الداعم، بل والمناهض أحياناً، من قبل أطراف في الشرعية فبدلا من أن تكون سنداً لمشروع حضرموت الوطني ، و أن تدعم تطلعات الشعب الحضرمي في بناء قدراته الذاتية وحماية أراضيه، تبدو وكأنها تقف إلى جانب المتآمرين على حلف قبائل حضرموت. هذا الموقف، سواء كان ناجماً عن ضغوط من  الانتقالي أو عن تنسيق مسبق، يمثل خذلاناً للشعب الحضرمي . فبدلاً من دعم أي جهد يسهم في استقرار المناطق وتحريرها من السيطرة الفعلية للميليشيات المنقولة ، يبدو أنها تتواطأ في هذه المؤامرة، إما بالصمت المريب، أو بالتقاعس عن حماية حقوق حضرموت في تشكيل قواتها الوطنية ، أو حتى بالمساهمة في الضغط على الحلف. هذا التواطؤ يزيد من تعقيد المشهد، ويؤكد على أن المعركة ليست فقط ضد طرف واحد، بل ضد شبكة من المصالح المتشابكة التي لا ترغب في استقلال القرار الحضرمي.
رابعاً: خارطة طريق شاملة لمواجهة المؤامرة وإفشالها:
للتصدي لهذه المؤامرة وإفشالها، يتوجب على حلف قبائل حضرموت والشعب الحضرمي برمته تبني خارطة طريق شاملة تستند إلى الوعي والصمود والعمل المؤسسي:
المرحلة الأولى: الصمود وتثبيت الحقائق (الاستجابة الفورية):
 * الصمود الأمني والعسكري:
   * التأهب العسكري الحذر: الحفاظ على أقصى درجات التأهب العسكري دون الانجرار إلى الاستفزازات. يجب أن تكون القوات على أهبة الاستعداد للدفاع عن النفس والمشروع، ولكن الأولوية لضبط النفس وتجنب المواجهة المباشرة ما لم تكن دفاعاً مشروعاً.
   * تثبيت الوجود: الإصرار على استكمال بناء المعسكرات وتدريب القوات، بالاستناد إلى الاتفاقيات المبرمة مع القبائل المالكة للأرض، وتأكيد حق حضرموت في حماية نفسها.
 * التصدي الإعلامي والتوعوي المكثف:
   * كشف المؤامرة: إطلاق حملة إعلامية مضادة قوية تفضح أبعاد المؤامرة، وتكشف الأدوار الخفية للانتقالي ومن يقف خلفه، من قيادات الشرعية . كما يجب توضيح الأهداف الحقيقية للتحركات العدائية.
   * توحيد الخطاب الإعلامي: إنشاء خلية إعلامية مركزية لحلف قبائل حضرموت تتولى إصدار البيانات الموحدة، وتحليل الأحداث، وتوجيه الرأي العام الحضرمي.
   * استخدام كافة المنصات: تفعيل وسائل التواصل الاجتماعي، والمنصات المحلية، واستغلال كل صوت حضرمي حر لكشف الحقائق وتفنيد الشائعات.
   * تثقيف المجتمع: تنظيم ندوات ولقاءات مفتوحة (عبر الإنترنت أو حضورياً إن أمكن) لتثقيف الشعب الحضرمي بأهمية مشروع الحكم الذاتي وقوات الحماية، ومخاطر المخططات التي تستهدف حضرموت من جميع الأطراف.
 * التحشيد الشعبي ودعم القبائل:
   * تجديد الولاء للحلف: حشد الدعم الشعبي والقبلي الواسع للحلف ومشروعه، من خلال زيارات ميدانية للقبائل، وعقد لقاءات مفتوحة مع الوجهاء والمشائخ.
   * دعم قبيلة العصارنة: تقديم الدعم الكامل والمعنوي والمادي لقبيلة العصارنة، وتأكيد وقوف الحلف والشعب الحضرمي معها ضد أي ضغوط أو تهديدات تتعرض لها بسبب موافقتها على المشروع الحضرمي.
   * فضح التزييف: كشف محاولات تزييف تمثيل قبيلة العصارنة أو الطعن في شرعية قياداتها، وتأكيد الموقف الرسمي للقبيلة الذي يمثله مشايخها وشيخ شملها.
المرحلة الثانية: التحرك السياسي والقانوني (المواجهة الشاملة):
 * تفعيل الدبلوماسية الحضرمية:
   * التواصل مع القوى الإقليمية والدولية: شرح أبعاد المشروع الحضرمي ومخاطر المؤامرات التي يتعرض لها للمنظمات الدولية والدول المعنية بالملف اليمني، وتحديدا المملكة ، مع التأكيد على تواطؤ بعض أطراف الشرعية في هذه المؤامرات. و على أن استقرار حضرموت هو جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة.
   * بناء تحالفات داعمة: البحث عن حلفاء إقليميين ودوليين يدعمون حق حضرموت في تقرير مصيرها وتشكيل قواتها الدفاعية، بعيداً عن سياسات المحاور.
 * التحرك القانوني:
   * إثبات ملكية الأرض: توثيق كافة عقود شراء الأرض في منطقة العصارنة وإثبات شرعيتها قانونياً، لقطع الطريق على أي ادعاءات بالملكية القبلية العامة التي لا تخضع للبيع الفردي.
 * دعوة للحوار الحضرمي الشامل :
   * حوار حضرمي داخلي: الدعوة إلى حوار حضرمي شامل يضم جميع المكونات السياسية والاجتماعية والقبلية والنخب ، بما في ذلك الأطراف التي تميل للانتقالي، ولكن بشرط مسبق هو الاعتراف بحق حضرموت في تقرير مصيرها وتشكيل قواتها.
   * رفض الإملاءات: التأكيد على أن الحوار يجب أن يكون نابعاً من إرادة حضرمية خالصة، ورفض أي إملاءات خارجية أو داخلية تهدف إلى فرض أجندات لا تتوافق مع مصالح حضرموت.
المرحلة الثالثة: بناء المستقبل الحضرمي (الرؤية الاستراتيجية):
 * استكمال بناء القوات الحضرمية:
   * التأهيل والتدريب: التركيز على التأهيل والتدريب الاحترافي لقوات حماية حضرموت، بحيث تكون قوة وطنية ذات عقيدة عسكرية واضحة لحماية حضرموت ومواردها وشعبها.
   * التسليح والتجهيز: العمل على تأمين الدعم اللازم لتسليح وتجهيز هذه القوات بما يمكنها من أداء مهامها بفاعلية.
 * تطوير مشروع الحكم الذاتي:
   * صياغة دستور حضرمي: البدء في صياغة مسودة دستور لمشروع الحكم الذاتي يحدد صلاحيات الإدارة المحلية، العلاقة مع المركز (الحالي او ماسيتشكل من التسويات القادمة)، وآليات إدارة موارد حضرموت.
   * بناء المؤسسات: الشروع في بناء المؤسسات المدنية والإدارية اللازمة لمشروع الحكم الذاتي، وتأهيل الكفاءات الحضرمية لإدارة هذه المؤسسات.
 * التنمية والخدمات:
   * ربط المشروع بالتنمية: التأكيد على أن مشروع الحكم الذاتي وقوات الحماية يهدفان في الأساس إلى تحقيق الأمن والاستقرار الذي سيمكن حضرموت من استغلال مواردها لخدمة التنمية وتوفير الخدمات الأساسية للشعب الحضرمي.
وخلاصة القول فإن المؤامرة ، التي تستهدف مشروع حضرموت السيادي وقرارها السياسي والعسكري المستقل ، ليست مجرد نزاع قبلي على أرض، بل هي معركة وجودية لتحديد مستقبل حضرموت. و إن التصدي لها يتطلب وعياً كاملاً بأبعادها، وصموداً لا يتزعزع، وعملاً متكاملاً على كافة المستويات: الأمني، الإعلامي، السياسي، والقانوني. وفي ظل المواقف المتخاذلة لبعض قوى الشرعية ، التي باتت جزءاً من هذه المؤامرة، تزداد أهمية تماسك الصف الحضرمي وتوحيد جهوده. و على حلف قبائل حضرموت، بدعم لا محدود من الشعب الحضرمي بكافة أطيافه، أن يتبنى هذه الخارطة كطريق صارم وشامل ، لإفشال المؤامرة، وتحقيق حلم حضرموت في الحكم الذاتي وقوات الحماية الذاتية، والانطلاق نحو بناء مستقبل حضرمي مشرق ومستقر. كما يتطلب ايضا ثبات حضرمي ذكي يجمع بين الحزم الميداني، والحكمة السياسية، والتكتيك الإعلامي، لإنهاء هذا التحدي دون انكسار ولا دماء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق