بقلم / م . لطفي الصيعري .. حلف قبائل حضرموت ،اثنا عشر عامًا من الكفاح الحضرمي من أجل الكرامة والسيادة ! - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

السبت، 12 يوليو 2025

بقلم / م . لطفي الصيعري .. حلف قبائل حضرموت ،اثنا عشر عامًا من الكفاح الحضرمي من أجل الكرامة والسيادة !

  في 4 يوليو 2025، مرت الذكرى الثانية عشرة لتأسيس حلف قبائل حضرموت، ذلك الكيان الذي أصبح علامة فارقة في مسيرة الكفاح الحضرمي الحديث، ومعبّرًا عن التحول الجذري في وعي أبناء حضرموت بحقوقهم السياسية والسيادية على أرضهم وثرواتهم وقرارهم.
لم يكن الحلف مجرّد تجمع قبلي أو رد فعل لحادثة عابرة، بل جاء كاستجابة واعية لحالة الاحتقان الشعبي المتراكم نتيجة التهميش، ونهب الموارد، ومصادرة الكرامة الحضرمية على يد قوى النفوذ الشمالي. ومنذ لحظة التأسيس وحتى اليوم، راكم الحلف إنجازات سياسية وأمنية وفكرية، مهدت لبروز المشروع الاستقلالي الحضرمي، ووضعت حضرموت في قلب معادلة القوة الوطنية و الإقليمية..

التأسيس من الألم إلى الأمل :
تأسس الحلف في وادي نحب بغيل بن يمين يوم 4 يوليو 2013، إثر اجتماع عام لكل مقادمة وابناء القبائل الحضرمية ، والحراك الجنوبي بقيادة باعوم والعصبة الحضرمية ومنظمات المجتمع المدني الحضرمي وترأسه الشهيد المقدم سعد بن حمد بن حبريش العليي، وأتى ذلك إثر حادثة الاعتداء على شباب من بيت علي، كانوا يطالبون بحق العمل في الشركات النفطية ، وبدعوة عامة من المقدم بن حبريش للحضارمة لمواجهة هذا الظلم والتعسف من القوات الشمالية لحماية الشركات  النفطية بترومسيلة وغيرها ، و جاء التأسيس كرد مباشر على الظلم والتعسف وامتهان كرامة الحضارمة وبعد أن بلغ الاحتقان الشعبي ذروته، ومن أجل الدفاع عن الكرامة الحضرمية، والمطالبة بحقوق حضرموت المنهوبة.
وقد أكد الشهيد المؤسس في آخر كلماته على عمق المظلومية التي يعيشها أبناء حضرموت، والتي كانت الشركات النفطية أبرز تجلياتها، حيث استفاد منها الغريب، وأقصي عنها أبناء الأرض.

اغتيال القائد وانطلاق الهبة الحضرمية الأولى :
في 2 ديسمبر 2013، اغتيل بن حبريش في عملية غادرة مدبرة من قوات الاحتلال اليمنية في مدينة سيئون ، وأرادت من خلاله تصفية المشروع الحضرمي في مهده إلا أن النتيجة جاءت عكسية، إذ تداعت القبائل والمكونات السياسية والاجتماعية والمدنية في حضرموت،  إلى لقاء كبير في 10 ديسمبر بوادي نحب، لتعلن انطلاق الهبة الشعبية الحضرمية، في ٢٠ ديسمبر ، التي وحدت الجغرافيا والمكونات خلف مطلبٍ واحد: الكرامة والسيادة.
خلال الهبة، خاض الحلف معارك بطولية في الشحر وعبول وحرو ووداي سر، وأسقط طائرة مقاتلة قرب العليب، وأوقع مئات القتلى والأسرى في صفوف قوات الاحتلال، رغم تواضع إمكانياته العسكرية مقارنة بجيوش النظام.
وانتفضت كل مدن حضرموت وسيطر عليها الحضارمة لمدة أسبوع  تقريبا ، قبل ان تعيد السلطات والقوات العسكرية والأمنية ، ترتيب اوضاعها واستعادة نفوذها .
تسوية سياسية وتحكيم تاريخي :
أمام هذه الهبة الحضرمية و الصمود الحضرمي، اضطر الرئيس عبدربه منصور هادي إلى تقديم أكبر تحكيم قبلي في تاريخ بلادنا الحديث: مليار ريال، و201 بندق، و20 سيارة موديل حديث، والشروع في تنفيذ تحقيق  مطالب الحلف المعلنة في بياني التأسيس والهبة.

التأسيس الأمني: من الحلف إلى النخبة الحضرمية :
كان الحلف هو الحاضنة الأولى لتأسيس النخبة الحضرمية، التي بدأت كوحدات قبلية مسلحة لحماية الآبار النفطية من ميليشيات النظام والقاعدة، ثم تطورت إلى قوة نظامية بمشاركة ابناء الحلف ، و تدربت في معسكرات الحلف وهي من حررت المكلا في 24 أبريل 2015، بدعم سعودي و إماراتي مباشر. 
وبعدها تحقق لحضرموت هامش من الإدارة والسلطة المحليةالحضرمية ومأسسة الأمن الحضرمي، وترسيخ الوجود السيادي الأول لحضرموت بعد عقود من الاحتلال، وهي اللحظة التي بدأ فيها التحول من الاحتجاج إلى بناء السلطة المحلية.

من الحلف إلى الجامع: النضج السياسي وبداية التراكم الفكري :
لم يقتصر دور الحلف على الأمن والمقاومة وانتزاع هامش الادارة الذاتية والسلطة المحلية الحضرمية،بل كان الحاضن السياسي والداعم الأساسي لتأسيس مؤتمر حضرموت الجامع، الذي سعى لتجميع كل الطيف الحضرمي السياسي والاجتماعي في كيان حضرمي جامع مستقل ، يعبّر عن تطلعات الحضارم، وعلى رأسها السيادة على الأرض والثروة.
و لاحقًا، شارك الحلف والجامع وكان له دور كبير في تأسيس مجلس حضرموت الوطني عام 2022، خلال مشاورات الرياض، للمكونات والنخب الحضرمية، برعاية سعودية، مما رسخ موقع الحلف والجامع كضامن ومرجعية سياسية عليا للمشروع الحضرمي.

التباينات والاصطفافات الإقليمية :
مع بروز المجلس الانتقالي الجنوبي كذراع سياسي وعسكري جنوبي مدعوم و ممول من دولة الإمارات، بدأت تتصاعد التباينات بين الحلف والانتقالي، خصوصًا حين رفض عمرو بن حبريش الانضمام للمجلس إلا بشروط الندية والشراكة، وليس التبعية.
رغم ذلك، لم يهاجم الحلف الإنتقالي مباشرة، بل ظل يدعو إلى الحوار، مطالبًا بإعادة التوازن في العلاقة وضمان الشراكة الحضرمية في مستقبل الجنوب وحضرموت  إلا أن الرياح لم تأتِ بما تشتهي السفن الحضرمية ، و بدأت حدة الخلافات تتصاعد ببن الطرفين ووصلت العلاقة بينهما الى طريق مسدود ، بعد تشكيل كتلة حلف وجامع حضرموت  المدعوم من الانتقالي ، بهدف شق و تصفية الحلف والجامع . الأمر الذي دعا الحلف لعقد اللقاء التشاوري لقياداته
في أكتوبر 2023: وأصدر بيانه التاريخي الرافض لهذه التدخلات ومحاولات شق صفوفه وتحجيمه ، وقد أعاد البيان الصادر عن رئاسة الحلف في 29 أكتوبر 2023 الحلف إلى واجهة الأحداث، مؤكدًا تبنيه لقضايا الشعب الحضرمي، ورفضه لاي هيمنة او تبعية لحضرموت للعواصم الأخرى  ومنددًا بسوء الخدمات وتدهور معيشة الحضارمة، ومطالباً بالعدالة والشراكة المتكافئة في أجهزة الدولة. ورغم ما اعتبره البعض مبالغة في لهجة البيان، إلا أنه مثّل عودة لروح الحلف كمظلة دفاع عن حقوق وكرامة الحضارم، خاصة بعد تراجع الاهتمام الإقليمي بدوره لصالح مكونات أخرى.

المرحلة الجديدة: الحكم الذاتي وقوات حماية حضرموت: 
منذ عام 2024، تصاعد الزخم السياسي للحلف واقام مخيم التصعيد في الهضبة، وانتقل في مطالبه من القضايا المطلبية والحقوقية ، باتجاه الحكم الذاتي لحضرموت، وفي عام ٢٠٢٥م ، تم إنشاء قوات حماية حضرموت، كإطار جديد لتجسيد السيادة، وتزايدت الأصوات الداعية لتحرير القرار السياسي الحضرمي من التبعية لصنعاء وعدن على السواء.
وحاليا تصاعدت وتيرة المطالبة بمشروع الحكم الذاتي، وقام الفريق الوطني باصدار وثيقة المبادئ السياسية الحاكمة لمشروع الحكم الذاتي مطالبة باغنائه بأية ملاحظات ضرورية من كل الطيف الحضرمي ، على طريق تجهيزه بصيغته النهائية وإقراره حضرميّاً، كوثيقة حاكمة  لاعداد دستور الحكم الذاتي الحضرمي. وكل ذلك يجري وسط تحديات متصاعدة وهجمات متلاحقة ضد الحلف من عدة جهات ،  في محاولات مستميتة  لإضعاف الدور الحضرمي أو تهميشه لصالح قوى غير حضرمية.
وخلاصة القول فإن مسيرة حلف قبائل حضرموت خلال اثني عشر عامًا تمثل تجربة فريدة في العمل الأهلي المقاوم، الذي بدأ من المطالبة بالحقوق، ثم تحول إلى مقاومة شعبية مسلحة، وانتهى إلى مشروع سياسي متكامل لبناء دولة حضرمية حديثة على أساس الشراكة والسيادة.
وأبرز منجزاته:
إطلاق الهبة الشعبية الأولى 2013.
تأسيس النخبة الحضرمية وطرد القاعدة.
تحرير ساحل حضرموت.
دعم مؤتمر حضرموت الجامع والمجلس الوطني.
مأسسة أول تجربة إدارة ذاتية حضرمية.
الدفاع عن النخبة وأهالي حضرموت في مواجهة الانتهاكات.
التحول التدريجي نحو مشروع الحكم الذاتي.
و يبقى التحدي الأساسي أمام الحلف اليوم هو إدارة التوازن بين القوى الوطنية و الإقليمية، وفرض الشراكة الحضرمية الكاملة في أي تسوية قادمة. كما أن الحفاظ على الوحدة الحضرمية، ومنع اختراقها من قبل مشاريع خارجية، يمثل ضرورة وطنية كبرى.
إن حلف قبائل حضرموت لم يعد مجرد حلف قبلي، بل أصبح عصبًا ناظمًا للمشروع الوطني الحضرمي، وحارسًا لكرامته وسيادته، ورافعة لاستقلاله المستقبلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق