بقلم / أنس علي باحنان .. العسكرة في حضرموت، أمنٌ مشوّه أم تهديد مقنّع؟ - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الجمعة، 25 يوليو 2025

بقلم / أنس علي باحنان .. العسكرة في حضرموت، أمنٌ مشوّه أم تهديد مقنّع؟

العسكر والجيوش مقرونة بالسلاح، والسلاح مرتبط بالحديد، كما يرتبط الظل بصاحبه. وقد قال الله جل شأنه: ﴿وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس﴾.
ولا شك أن للجيوش والشرط مكانة راسخة في ديننا وثقافتنا الإسلامية، بل هي منزّلة في كتب الفقه والحديث والملاحم، لما لها من دور في حفظ الدين، وصون الأعراض، والدفاع عن الحقوق، وبسط الأمن، وتحقيق الطمأنينة في حياة الناس.

فإذا كانت هذه المؤسّسات بهذه المكانة السامية، فكيف ننظر نحن اليوم، في واقعنا المعاصر، إلى موقع الجيش والقوة العسكرية في بلداننا؟ وكيف نجعل من هذه الأدوات وسيلة لبناء الأوطان، ودرعًا حصينًا للدين والعِرض والمال، لا أداة هدمٍ وخرابٍ وبطشٍ وترويعٍ للآمنين؟

إن حضرموت، هذا الإقليم العريق، الذي عُرف بالسلم والأمن والاستقرار، أضحت اليوم تعجُّ بالثكنات والمعسكرات، وتمتلئ بوحدات عسكرية متعددة، تحمل الأسلحة باختلاف درجاتها، من الخفيفة إلى المتوسطة، وربما الثقيلة أيضًا.

وهاهنا يُطرح السؤال الجوهري: هل نحن في حضرموت بحاجة فعلية إلى هذا العدد الكبير من التشكيلات العسكرية؟ وهل يخدم وجودها المواطن والوطن الحضرمي؟ وهل تحفظ هذه القوات كرامة الإنسان وحقوقه، وتسهر على راحته وأمنه؟

للأسف، الواقع لا يبعث على التفاؤل، بل يشير إلى العكس. فقد أصبحت تلك القوات، في نظر كثير من المواطنين، مصدرًا للرعب، ومصدرًا للقلق، وأداة قمع، لا تحفظ دينًا، ولا تصون مالا، ولا ترفع ظلمًا، بل أضحت في بعض الأحايين سوطًا مُسلَّطًا على رقاب الناس الآمنين، تُرهبهم وتُذلهم وتُصادر إرادتهم.

والخلاصة: إنّ الرؤية الواعية والمسؤولة تحتم علينا أن نطالب بخروج كافة القوات العسكرية من المدن والحواضر الحضرمية، وبشكل عاجل، وتجنيب أهلها مدافع الحديد ولهيب البارود. ويجب الوقوف بحزم أمام محاولات استحداث أية قوى عسكرية جديدة من خارج حضرموت تهدف إلى زعزعة الاستقرار، أو إرهاب المواطن، أو فرض الأمر الواقع بقوة السلاح والنار.

يا أخوان إن مجتمع حضرموت مجتمعٌ حضاريٌّ مسالم، طُبِع على احترام النظام والقانون، ولا يحتاج إلى من يقمعه أو يروّضه بالعنف، بل هو بطبعه يساند كل قوةٍ عسكريةٍ وطنيةٍ تحمل همّ الأمن وتحترم الإنسان وتخدم البلاد. أما إن تحوّلت هذه القوة إلى وسيلة استبداد، وسيفٍ لكسر الكرامة وسلب الحقوق، فلن يقف المجتمع الحضرمي مكتوف الأيدي حيالها ، بل سيدافع عن دينه وعِرضه وماله بما أُتيح له من الوسائل، وهذا من صميم ديننا، وأصلٌ أصيل من ثوابت شريعتنا.

اللهم انصر من نصر الدين. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق