عدن - فهد التركي :
قال اللواء/ عبدالرحمن مجاهد اللوم الوادعي : في الوقت الذي يخوض فيه اليمنيون معركتهم الوجودية ضد جماعة الحوثي السلالية الإرهابية ، ويقدم أبناء الشعب تضحيات جسيمة دفاعا عن جمهوريتهم وهويتهم ، لا تزال الأحزاب اليمنية المتهالكة ومن يدور في فلكها ، تمارس دورها التقليدي المعرقل ، وتُعيد إنتاج الأزمات والانقسامات بكل أشكالها.
لقد أثبتت التجربة ، بما لا يدع مجالا للشك ، أن الحزبية اليمنية لم تكن جزءا من الحل في أي مرحلة ، بل تحولت إلى عبء ثقيل على القضية الوطنية ، فبدلاً من أن تكون الأحزاب رافعة للمعركة ، كانت دائماً عامل تبديد للجهود ، وتفتيت للصف ، وصراعاً دائماً على النفوذ والمكاسب ، ولو على حساب القضية اليمنية ومعركة التحرير نفسها.
منذ بداية معركة استعادة الجمهورية ، لم تتعامل الأحزاب اليمنية مع معركة استعادة الدولة باعتبارها معركة وطنية جامعة ، بل كفرصة لتثبيت المواقع ، وموازنة المصالح ، وتصفية الحسابات القديمة.
وقد حذر شيخنا العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله ، حين قال : الأحزاب لا تأتي بخير ، وإنما تفرّق الأمة ، وتجرّها إلى الولاءات الضيقة ، وتغريها بالصراع على الدنيا.
وقد صدقت كلماته في واقعنا ، حيث صارت الحزبية لعنة تصيب كل مشروع وطني وتحوله إلى ساحة تصفية حسابات ضيقة.
اليوم ، لا توجد قوة أعاقت بناء جبهة وطنية موحدة بقدر ما فعلته الأحزاب ، ولا يوجد خطاب ساهم في تضييع البوصلة مثل الخطاب الحزبي القائم على المكايدة والشيطنة والتخوين المتبادل ، لقد فرغت الحزبية المعركة من مضمونها ، ودفعت بالكثير من الوطنيين الحقيقيين إلى الانسحاب ، أو التهميش ، أو الإقصاء.
المشكلة لم تعد في الأفراد داخل هذه الأحزاب ، بل في البنية ذاتها ، في العقلية الحزبية التي تقدم التنظيم على الوطن ، والانتماء الحزبي على الانتماء الجمهوري ، والمصلحة الضيقة على المصلحة العامة ، هذه البنية لا يمكن أن تنتج مشروعاً وطنياً جامعاً ، لأنها بطبيعتها تقسم ، ولا توحد.
وهذا ما أشار إليه شيخنا العلامة المحدث يحيى بن علي الحجوري حفظه الله ، حين قال : لا تصلح الأمة إلا إذا خلصت ولاءاتها لله ، وخرجت من عباءة التحزّب الذي يفسد القلوب ويشتّت الصفوف.
وهي دعوة صادقة لتحرير العقل والنية والصف من أسر الحزبية ، والانطلاق في مشروع وطني نقي ونزيه.
نحن أمام تحد وجودي لا يحتمل الحسابات الصغيرة ، مليشيا الحوثي الإرهابية لا تواجه بحصص حزبية ، ولا تهزم بخطابات مكررة ، ما تحتاجه اليمن هو توحيد الصف الوطني ، يتجاوز الأحزاب ، ويتجاوز الحزبية ، ويعيد الاعتبار للقضية اليمنية ومعركة استكمال تحرير الجغرافية الوطنية.
وفي المقابل ، نؤكد بوضوح أن المملكة العربية السعودية ، ومعها دول التحالف العربي ، كانت وما زالت شريكاً أساسياً في معركة استعادة الدولة اليمنية ، دعمها السياسي والعسكري والإنساني كان حاسماً في منع انهيار الجمهورية ، ولا يمكن إنكار هذا الدور أو تجاوزه.
لقد حان الوقت لكسر الحلقة المغلقة التي تعيد إنتاج الفشل ، فلا يمكن رص وتوحيد صفوف اليمنيين واستكمال معركة تحرير الجمهورية ، بذات الأدوات التي أوصلتنا إلى هذا الوضع ، ولا يمكن الانتصار في المعركة الوطنية الكبرى ما لم يتم القطع الكامل مع منطق الحزبية ، وإعادة توجيه البوصلة لرص وتوحيد صفوف الشعب اليمني تحت راية التوحيد والعقيدة الصحيحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق