بقلم / أحمد باصهي .. حضرموت بين المحاصصة والمواطنة ،لكي ينجح الحضارمة في تقديم نموذج حكم ذاتي جديد - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الأحد، 13 يوليو 2025

بقلم / أحمد باصهي .. حضرموت بين المحاصصة والمواطنة ،لكي ينجح الحضارمة في تقديم نموذج حكم ذاتي جديد

لا يُنكر منصف ما يبذله "حلف أبناء قبائل حضرموت" و"مؤتمر حضرموت الجامع" من جهود واضحة ومقدّرة في تبنّي مطالب أبناء حضرموت والدفاع عنها في ظل واقع سياسي مأزوم. غير أن المتابع للشأن الداخلي الحضرمي، يلحظ بوضوح أن الخطاب السياسي الموجَّه للداخل ما زال يتكئ – بشكل مقلق – على المحاصصة المجتمعية، واستدعاء التصنيفات الاجتماعية والقبلية التي تجاوزها الزمن.

هذا النهج، وإن اتكأ على فكرة "التمثيل المجتمعي"، إلا أنه يعيد إلى السطح تقسيمات طبقية وظّفت في فترات سابقة لتهميش فئات اجتماعية واسعة، ولا سيما خلال المرحلة التي سبقت ضم حضرموت في عام 1967. وقد تركت تلك الحقبة جراحًا غائرة في الذاكرة الحضرمية، ما تزال تبعاتها حاضرة في وجدان كثير من أبناء المنطقة.

لقد عانى كثير من الحضارم – ولا يزالون – من سرديات الإقصاء والتعدي والسطو الطبقي والاجتماعي، الأمر الذي جعلهم ينظرون بريبة إلى أي محاولة تُعيد إنتاج الهياكل القديمة تحت لافتات جديدة. 
إن الحاجة اليوم ملحّة إلى تأسيس مشروع حضرمي جامع يقوم على مبدأ المواطنة المتساوية، بعيدًا عن المحاصصة وتوزيع المناصب والعضويات على أسس قبلية أو حزبية أو جهوية. لا بد من تبنّي خطابٍ جديد، يقوم على الكفاءة والنزاهة وسيادة القانون، لا على "الألقاب" و"الأوزان الاجتماعية".

ما نخشاه اليوم، أن يقع المشروع الحضرمي في فخ إعادة إنتاج نفس البنية التي أشعلت في الماضي انتفاضات فلاحية وثورات تأميم ورفض عنيف، حين اشتد الظلم الاجتماعي، وتفشّى الاستكبار الطبقي، وانهارت العدالة المجتمعية.

وفي هذا السياق، تستغل بعض القوى المنافسة – كالمجلس الانتقالي وتشكيلات "العناد السياسي" – هذه المظالم القديمة، لتقويض الحراك الحضرمي وشيطنته إعلاميًا، بوصفه مشروعًا نخبويًا لا يمثل القاعدة المجتمعية العريضة.

الخلاصة:
المشروع الحضرمي لا يمكن أن يُبنى من أعلى، ولا عبر استنساخ الماضي؛ بل عبر تحالف أفقي عابر للألقاب والهياكل القديمة، يتجه نحو المستقبل برؤية حديثة، تُؤمن بالعدالة وتكافؤ الفرص، وتُراهن على إنسان حضرموت لا على نسبه أو مكانته الاجتماعية. فالحكم الذاتي الحقيقي يبدأ من الإنصاف الداخلي، لا من المناصب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق