بقلم / سالم عوض الربيزي .. بيانات تُربك الرأي العام وتسئ إلى المجتمع أكثر مما تحميه - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

السبت، 25 أكتوبر 2025

بقلم / سالم عوض الربيزي .. بيانات تُربك الرأي العام وتسئ إلى المجتمع أكثر مما تحميه

البيان الأمني الصادر من شرطة شبوة بشأن ما سُمّي "قضية الإمام والخطيب" أثار استغراب الكثيرين، لا من حيث الواقعة بحد ذاتها، بل من الطريقة غير المسؤولة التي صيغ بها البيان، والتي خالفت أبسط القواعد القانونية والإعلامية المتعارف عليها.

أولاً: مثل هذه القضايا خصوصاً إذا كانت تتعلق بالأعراض أو يُذكر فيها قُصّر يجب أن تُحاط بالسرية التامة، حفاظًا على خصوصية الضحايا، وصونًا لهيبة المؤسسات الدينية والتعليمية، حتى لا تتحول الواقعة الفردية إلى أداة تشويه لمكانة العلماء والخطباء والمعلمين الذين يمثلون ركناً أخلاقياً في المجتمع.

ثانيًا: الزجّ بصفة "إمام وخطيب مسجد" في البيان الرسمي يُعدّ إقحامًا غير مبرر، خاصة أن الحادثة (بحسب البيان نفسه) وقعت في إطار المدرسة، وليس المسجد، وهذا تجاوز مهني وإعلامي خطير يزرع الشك في نفوس الناس تجاه رموزهم الدينية ومراكز العلم والصلاح.

ثالثًا: من حيث منطق الرواية الأمنية، هناك تناقضات واضحة تستدعي المراجعة:

الحديث عن طفل يبلغ من العمر (14 عامًا) تعرّض للابتزاز منذ ثلاث سنوات يعني أن الواقعة بدأت وهو في الحادية عشرة! وهذا يضع علامات استفهام حول الوعي والقدرة المفترضة في هذه السن على إدارة علاقة مالية بهذا الحجم.

كما أن ذكر مبلغ (10 إلى 41 مليون ريال) كأموال ابتُزّت من طفل خلال ثلاث سنوات أمر يصعب تصديقه واقعياً، خصوصاً في بيئة اجتماعية واقتصادية يعلم الجميع ظروفها.

أما القول بأن الابتزاز كان مقابل تسريب امتحانات، فهو لا يتناسب مع طبيعة "التهديد" أو "الخطر" الذي يدفع طفلاً إلى الصمت لسنوات، مما يجعل الرواية بحاجة إلى تحقيق مهني بعيد عن الإعلام وليس إلى بيان صحفي متسرع.

رابعًا: من المؤسف أن تتحول بيانات الجهات الأمنية إلى منصات للتشهير قبل اكتمال التحقيقات أو صدور حكم قضائي، وهذا في حد ذاته إساءة لسمعة المؤسسة الأمنية التي يُفترض أن تكون ميزان الانضباط والحياد.

نحن مع محاسبة كل من يخطئ، أيًّا كانت صفته أو مكانته، لكننا في الوقت ذاته نرفض أن تُستغل القضايا الفردية لتشويه الكيانات الدينية والتعليمية، أو لضرب ثقة الناس برجال المساجد والمدارس الذين يمثلون الخط الأول في بناء وعي المجتمع وحمايته من الانحراف.

ختامًا، نأمل من الجهات الرسمية أن تعيد النظر في أسلوب تناول مثل هذه القضايا إعلاميًا، وأن تُترك العدالة تسير في مسارها القانوني بعيدًا عن الضجيج والتشهير الذي لا يخدم إلا أعداء القيم والدين والمجتمع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق