لم يعد مقبولًا أن تظل الشرعية في دائرة الصمت إزاء ما تتعرض له المحافظات الشرقية من اعتداءات مسلحة وفرضٍ للأمر الواقع بقوة السلاح. فالمشهد لم يعد ملتبسًا، والوقائع على الأرض واضحة، وما يجري تجاوزٌ خطير لسلطة الدولة وانتهاكٌ صريح للدستور والقانون، وتهديد مباشر لوحدة القرار السيادي وللسلم المجتمعي.
إن الشرعية، بوصفها الجهة المخوَّلة دستوريًا وقانونيًا، مطالَبة اليوم قبل الغد بتوضيح موقفها للرأي العام، واتخاذ خطوات عملية وجريئة، تبدأ بإدراج المليشيات التي اعتدت على المحافظات الشرقية ضمن قوائم التمرد المسلح، ومحاسبتها وفق القانون اليمني، أو اللجوء إلى القانون الدولي باعتبار هذه الجماعات قوى خارجة عن الشرعية تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.
إن التراخي في مواجهة هذه الانتهاكات لا يُفسَّر إلا كعجز في إدارة المرحلة، ويمنح القوى المسلحة غير النظامية مساحة أكبر لفرض أجنداتها، وتقويض مؤسسات الدولة، وتغذية الانقسامات، وإطالة أمد الأزمة. فالدولة التي تتسامح مع السلاح خارج إطارها، تفقد تدريجيًا هيبتها وقدرتها على حماية مواطنيها وصون سيادتها.
إن الجمود السياسي، ومحاولات الالتفاف على جوهر الأزمة، لم تعد حلولًا، بل أصبحت جزءًا من المشكلة. فإما أن تمارس الشرعية دورها الكامل في بسط نفوذ القانون وحماية المحافظات من العبث، أو أن تعترف بفشلها في إدارة هذه المرحلة الحساسة، وما يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة على حاضر البلاد ومستقبلها.
فالدول لا تُدار بالصمت، ولا تُحمى بالتردد، بل بالمواقف الواضحة والقرارات الحاسمة







ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق