بقلم / ناصر بامندود "لا تجعلوا من الحمقى مشاهير " - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

السبت، 23 يناير 2021

بقلم / ناصر بامندود "لا تجعلوا من الحمقى مشاهير "

قبل أيامٍ قليلة كنت مع أحد الأصدقاء وكنا نتحدث في أمورًا عميقة، ونتبادل الرأي في قضايا مختلفة، فجأةً ظهر بيننا شابًا عشريني، جلس معنا قليلًا، فعرفني عليه الصديق بأنه أحد مشاهير تطبيق " الانستجرام " هنا في مدينتنا، فإذا بالحديث بات سطحيًا، وصارت نقاشات الجلسة تقليديةً متدنية، وحين رحل من مجلسنا، تحدثتنا عن المهن المستقبلية في العالم للعقود القادمة، وحقيقة الحقبة التاريخية الماضية في حضرموت، وكيفية تعلم لغاتٍ أجنبية.

ومنذ مدة ليست بالبعيدة كنت مع أحد الأصدقاء، وبغتةً قال لي: ألا تعرف هذا الشخص؟ قلت له: لا ، قال لي: كيف لا تعرفه؟! أين تعيش أنت؟!

شعرت بالخجل وقتها، وقلت في نفسي يبدو بأنه شخصية ملهمة كيف لا أعرفه! 
فإذا به يقول لي: هذا الشخص لديه الآلاف المتابعين في " الانستجرام " ، لحظتها نزلت كل طمأنينة الأرض على قلبي، وقلت له: وما فائدة الشهرة ان غاب المضمون! 

" لا تجعلوا من الحمقى مشاهير"
لربما هذه المقولة من أكثر المقولات التي تتناسب مع عصرنا الحالي، ففي هذا الزمان للأسف صار للحمقى متابعون ومعجبون كثر ، وتدنى الذوق، وتسطحت عقول، وعالمًا مغمور وتافهًا مشهور!
بربكم ما الفائدة التي تجعلك تضغط زر متابعة لشخصيات كهؤلاء؟!

شخصيًا وعلى نسق مقولة توماس كارليل: قل لي من تبجل أقول لك من أنت،أقول قل لي من تتابع وماذا تشاهد أقول لك من أنت!

وإلى هؤلاء أقول - مع كامل احترامي لكم -  ولكن ما فائدة أن تكون مشهورًا ولكنك فارغًا؟! وما فائدة أن يتابعك الآلاف ولكنك في نظرهم سطحي؟! وما فائدة أن تكون مفتول العضلات ولكنك هزيل القوى العلمية وضعيف العقلية؟! 
نعم ليس كلهم كذلك، ولكن يا إخواني ان كنت مشهورًا في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، فدّس ما بين منشوراتك فائدة، واستفد من هذه الميزة في أن تكسب حسنات تجنيها من أشخاص كثر، حاول أن توّصل رسالة، وأن ترّوج لمهارة تمتلكها، ولا تجعل همك اليوم كلمتني هذه، وقبلها أرسلت لي هذه!

صدقوني وسائل التواصل الاجتماعي ليست سببًا في أي ظاهرة سيئة دخيلة علينا، إنما هي سلاح خطير ذو حدين، يعتمد على طريقة استخدامنا لها، ونوايانا فيها، وما الذي نريده منها
فمن الممكن أن تطور ذاتك كثيرًا منها، ومن الممكن أن توّصل صوتك إلى أكبر عدد وتكون صوتًا لمن لا صوت له بها وحدها، ومن أن تكسب الكثير من خلالها، وأن تجعل شخصٍ يقلب مصحفه وآخر يندم على صلاةً ضائعة فاتته بسبب محتوى لك فيها، ومن الممكن أيضًا أن تملأ صحيفتك سيئات بسببها!

ناصر بامندود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق