الصيد الجائر خطرٌ حقيقي يهدد ثروتنا السمكية - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الجمعة، 23 فبراير 2024

الصيد الجائر خطرٌ حقيقي يهدد ثروتنا السمكية

المكلا / خاص / ناصر بامندود :
حضرموت المطلة على سواحل البحر العربي، بشريطٍ ساحلي يقدر ب" 350  " كيلو، والغنية بالثروة السمكية، صار المواطن فيها يعاني في آن واحد من غلاء وانعدام أنواع كثيرة من الأسماك، وصرنا نسمع كثيرًا بأدوات الصيد الجائر التي أضحت سبب رئيس في هذه المشكلة وجعلت الأسماك قابلةً لقانون العرض والطلب، وأصبح الحديث فعليًا عن خطر من القلة الثروة السمكية من جراء الجرف والاستنزاف العشوائي لها، دون الأخذ بطرق الحفاظ عليها واستدامتها، فكيف يتم ذلك، وأين دور الجهات المختصة، في هذا التقرير نعرف التفاصيل. 


من بين أكثر أدوات الصيد الجائر المستخدمة في سواحلنا: 

- " الإسرائيلي ": وسميّ بذلك لأنه مبيد قاتل للأسماك، وهو من الأدوات المحرمة والممنوعة دوليًا، وكذلك المجرمة محليًا من وزارة الثروة السمكية، كونه ذو فتحات صغيرة جدًا يحتجز جميع الأسماك بمختلف أحجامها، والمسمى الحقيقي لها ( شبكة النايلون) وهي عبارة عن ثلاثة طبقات من الشباك. 

- " السخاوي " : والمسمى الأصلي لها  ( الأقفاص البحرية) ويطلق عليها (بمقبرة الأسماك) لمَِ تسببه من وفاة الأسماك بكثرة إذا وقعت فيه، فتموت الدفعات من الأسماك تباعًا بداخله. 
وهي مثل أشباك العصافير في الشكل، ولكنها كبيرة وضخمة الحجم، الأصل في استخدامها أنها مسموحة، فتستخدم في أوقاتٍ محددة وبتصميمٍ معين، وتضع من 5 إلى 10 متر، اما الآن فيتم استخدامها إلى تصل إلى 100 متر

- " شباك الحوي ": وتسمى " بالمطبقة " لأنها تتطبق على الأسماك، ولأنها تتكون من عدة طبقات، وحجم الفراغات فيها بحجم العين البشرية
وهي من الأنواع المستخدمة بكثرة، الأصل أنها مباحة ولكن وفق شروط فنية، منها أن لا يزيد طولها عن 300 متر وارتفاعها عن 10 متر ، ولكن ما يحدث أن الصيادون يستخدمونها بطول يصل إلى كيلو ، وارتفاعًا يصل إلى 50 متر.


أسماك انقراضت أو شحت: 

يحكي العم خالد بو سبعه (60 عامًا): " عندما امتهنت الصيد في سبعينيات القرن الماضي كانت هناك عدة أنواع من الأسماك لم تعد موجودة في سواحل مكلانا الآن مثل الديرك، والخمحمة وهو نوعٌ من البياض، والقشريات مثل الجحش والهامور، وأعتقد أن مرد انقراض هذه الأنواع إلى الصيد الجائر، الذي تسبب في انعدامها أو هجرتها ". 

ويضيف ابنه عمه، الصياد سعيد بو سبعه: " وحينما بدأت أنا العمل في الصيد مطلع الألفية الجديدة كانت هناك أسماك مثل ( الطمكري،والغريض، والغلوس والصنوفر، والشروي ) الآن لم نعد نراها في سواحل المكلا، وأرى كذلك أن الصيد الجائر هو السبب الرئيس في اختفاء هذه الأنواع لأنه يهلك الحرث والنسل، ويقتل قطيع الأسماك كاملًا، بالإضافة إلى أنه يحدث في مواسم تكاثر الأسماك، وصيد السمكة في موسم بيضها كقتل المرأة وهي حامل".

جهات علمية بحرية: 

يتحدث الدكتور جعفر بن عمر باعمر، الأستاذ المساعد بقسم الأحياء البحرية في جامعة حضرموت: "
يعد الصيد الجائر أحد صور الاستغلال غير الرشيد للموارد البحرية، وتعد جميع معدات الصيد ذات أثر سلبي على توازن البيئة البحرية الطبيعية إذا تم استخدامها بشكل مفرط". 

ويضيف الدكتور جعفر: " فالنسبة لأكثر الأدوات شيوعًا لدى صيادينا كالأقفاص (السخاوي) تعتبر من وسائل الصيد غير ضارة بالتجمعات السمكية إذا تم صنعها وفقاً للوائح تنظيم الصيد والحفاظ على الثروة السمكية، إلا أن هذا الوسائل تعرضت للتعديل من قبل بعض الصيادين لتصبح (السخاوي المعدل) أما الشباك النايلون ( الإسرائيلي) فهو أيضًا من صور معدات الصيد المستحدثة باستخدام شباك ذات فتحات صغيرة، حتى تصطاد أكبر كمية من الأسماك، بغض النظر عن أحجامها، ومن هنا أتى الاستغلال غير الرشيد للمخزون السمكي واستنزافها دون مراعاة ديمومة هذه الموارد للأجيال القادمة".

ويقول صبري لجرب مدير الهيئة العامة لأبحاث علوم البحار والأحياء المائية فرع حضرموت : " إن صح أن نطلق مسمى على أدوات الصيد ( السخاوي، والحاوي، والاسرائيلي) تحت مسمى واحد يشمل كل هذه الأدوات فسنطلق عليها ( الوسائل الضارة بالثروة السمكية والبيئة البحرية)، وبعضها بالأصل وسائلٍ مسموحٍ بها مثل السخاوي والحاوي، ولكنها تعاني من سوء الاستخدام، وتستخدم بشكلٍ عشوائي وغير قانوني وفي مواقع ومواسم غير المخصص لها، فالسخاوي مثلًا أغلب الصيادين يضعونها داخل البحر ممّا يتسبب بكواثر كبيرة على الأسماك لأنها تدخل بداخلها وتموت الواحدة تلو الآخرة لذلك تلقب (بمقبرة الأسماك) إضافةً إلى أنها توضع على الصخور الأمر الذي يتسبب في تكسير الشعاب المرجانية وتدميرها. 

ويشير الدكتور باعمر إلى أداة السخاوي أنها في اللوائح اليمنية يمنع استخدامها في بيئات الشعاب المرجانية، ولكن لا يتم التقيد باللوائح.

ويضيف لجرب: " كذلك غير هذه الوسائل هناك استخدام البلاسيتك الذي يوضع في  (الشكله) ويتم انزاله إلى المراعي والشعب المرجانية، الأمر الذي يتسبب بانقطاع الأكسجين عن الشعب المرجانية، وحتى تتغير ألوانها الزاهية والجميلة وتصبح باهته ".


نفتقد للقانونية: 

يقول سالم باقديم مدير إدارة الرقابة البحرية بالهيئة العامة للمصائد السمكية في البحر العربي، عن الإجراءات والعقوبات المتبعة من قبل الهيئة للصيادين المخالفين: 
" ننفذ حمالات لضبط الصيادين المخالفين، ونقوم بحجز الأدوات المخالفة، ونرفعها للجنة التنفيذية التي تحتجز الوسائل المخالفة لمدةٍ من أسبوع إلى أسبوعين كأقصى حد، علمًا بأننا نصدر تعميمًا للجمعيات السمكية بضرورة الالتزام بالمعايير الفنية لوسائل الصيد، ومنع الاصطياد في أماكن محددة مثل المحميات الطبيعية ". 

وعن إمكانية رفع العقوبات حتى تكون رادعًا لكل الصيادين المخالفين وفرض هئية المصائد هيبتها على العابثين بثروتنا السمكية يجيب باقديم: " اللوائح الداخلية لا تعطي صفة القانونية لذلك لا تنقذ العقوبات حسب المستوى المطلوب، لأن البرلمان اليمني ( مجلس النواب) لم يركز على وسائل الاصطياد، إنما ركز على الجانب التجاري والساحلي فيما يتعلق بالثروة السمكية،  فعلى سبيل المثال النيابة لا تتعامل مع لوائح، إنما تتعامل مع تشريعاتٍ قانونية ".


أهمية الالتزام بقواعد الصيد: 

يقول الصياد سعيد عبد اللّه بو سبعه( 40 عامًا): " ما يمنعني عن الاصطياد بوسائل الصيد الجائر، وكسب أرباحٍ مضاعفة، أن الثروة السمكية هي مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة من بعدنا ، أيضًا الأسماك هي وجبة أساسية في غذاء أهل حضرموت فماذا ستأكل الأجيال القادمة؟! 
ويضيف اما الاصطياد بأدوات الاصطياد التقليدية ووفقًا للمعايير فهي تحقق استدامة الثروة السمكية، وتحفظ للأجيال القادمة نصيبها منها". 

ويتحدث الصياد سعيد : " كم أتألم حينما أرى الصيادون المستخدمون لأدوات الاصطياد الجائر يعبثون في بحرنا دون حسيب ولا رقيب، ممّا يتسبب في انقراض بعض الأسماك وتهديد طبيعة وكمية ومواسم الأسماك في سواحلنا، لذا على الجهات الحكومية المختصة فرض هيبتها، واللوائح موجودة إنما تحتاج للتطبيق فقط".


الحلول: 

مدير إدارة الرقابة باقديم الحلول حسب رأيه في الإجراءات التالية: " تقوية الإمكانيات الرقابية لهيئة المصائد مثل تزويدها بالقوارب البحرية ووسائل المواصلات البرية للوصول إلى الأماكن المتشبهة بمخالفتها فعندما تصل الإدارة الرقابية إلى مكان المخالفة قد تكون آثار الجريمة قد اختفت، وعندما نعجز عن الوصول يقول لنا الصيادون الملتزمون بلغناكم ولم تأتون، وكذا دعمها بالكادر الوظيفي. 

ويضيف باقديم: " لابد من ضرورة العمل المشترك ما بين هيئة المصائد وقوات خفر السواحل في المحافظة والسلطة المحلية، وأيضًا الجمعيات السمكية لأنها أقرب إلى الصيادين منا جميعًا، بكل هذه العناصر نستطيع المحافظة على ثروتنا السمكية.

أما لجرب مدير الهيئة العامة لأبحاث علوم البحار والأحياء المائية فرع حضرموت يرى الحلول لعشوائية استخدام هذه الأدوات في الآتي: 

" لابد من دعم السلطة المحلية في حضرموت لهيئة علوم البحار لكي تقوم بدورها في النزولات البحثية الميدانية ورفع الدراسات والتوصيات، لأننا الجهة العلمية البحثية الحكومية المخولة بذلك، ولابد أيضًا من تشديد الرقابة البحرية على الصيادين. 

وأناشد الجمعيات السمكية والاتحاد التعاوني السمكي بضرورة توعية الصيادين على أضرار استخدام هذه الوسائل على الثروة السمكية ومستقبل الأجيال القادمة".

أما الدكتور باعمر الأستاذ المساعد بقسم الأحياء البحرية في جامعة حضرموت فيرى الحلول باتباع الخطوات التالية: " التقيد بلائحة تشريعات تنظيم الصيد التي حددت مواصفات معدات الصيد ومواسم فتح وغلق الاصطياد، وتنفيذ العقوبات الصارمة على المخالفين".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق