ارتقى حلف قبائل حضرموت في حقوقه المطلبية من خلال البند الثاني في بيانه الذي صدر مؤخرا و الذي ينص على : ( ضم صوته إلى صوت الشعب في حضرموت للمطالبة بالحكم الذاتي واسع الصلاحيات ) .
ما ذكر في البند المذكور عاد بي الذاكرة إلى عام 1993 م اي بعد تقريبا ثلاث سنوات من عمر الوحدة اليمنية ، اي قبل 33 سنة تقريبا من الان ، والذي اذكره انه ما أن مضت ثلاث سنوات من عمر الوحدة إلا و بدأت تظهر بوادر الأزمة اليمنية بين طرفي الوحدة اليمنية انذاك ، كانت نتيجتها و محصلتها النهائية حرب مدمرة بين الشطرين، اكلت الاحضر واليابس ، أساسها وسببها استفراد صنعاء بالحكم وتهميش الطرف الآخر للوحدة ، ولذا كان من المخارج الاستباقية لمنع وقوع تلك الحرب المشؤومة سحب شي من صلاحية الحكم المطلق والتفرد بالقرار في كل صغيرة وكبيرة من صنعاء ، ممثلة بالرئيس الراحل علي عبدالله صالح في وقته ، وفعلا تم هذا الأمر من خلال تشكيل مجلس للرئاسة بدلا من الحكم الفردي الاحادي المطلق ، وبهذا الصدد تم تشكيل هذا المجلس في حينه كحل للمشكلة و المعضلة اليمنية و اختيار صالح رئيس للمجلس والبيض نائبا له ، وبعد مصادقة مجلس النواب اليمني على هذا الحل ، عقد مجلس الرئاسة الجديد ورئيسه صالح المنتخب بالقصر الجمهوري مؤتمرا صحفيا ، وكنت قد دعيت له بصفتي إعلاميا و مراسلا لبعض من الصحف الحضرمية ، وفي المؤتمر تقدمت بسؤال يعتبر في ذاك الوقت جرئ جدا ، قلت فيه مخاطبا الرئيس علي عبدالله صالح أن سبب مشاكل اليمن هي المركزية ، وأنه لا سبيل للخروج منها إلا بحكم محلي واسع الصلاحية ، فلما لا تقدمون على ذلك ؟ استفز السؤال علي عبدالله صالح ، و قد كان في عنفوان قوته و أوج سلطته و قال : بالحرف الواضح لا نريد أن يرفع هذا الشعار بأن مشاكل اليمن هي المركزية ، وانما هي ربما تكون واحدة من المشاكل ،
نعم وللاسف اليوم بعد هذه السنوات العجاف منذ تأسيس الوحدة وما رافق ذلك من حروب ومتاهات ، أكدت لنا الأحداث والتجارب وبما لا يدع مجالا للشك أن مشاكل اليمن و حضرموت أساسها هي المركزية المفرطة ، والتهميش والاقصى و الدكتاتوريات غير المسؤولة.
نعود إلى بيان حلف قبائل حضرموت و بنده الثاني وحديثه عن الحكم المحلي، وعلاقته بما ذكرنا ، ولما اعتبرناه نقطة تحول في مسيرة الحلف ؟ وفي ذات الوقت ايضا كيف يكون فهمنا صحيحا لهذا الأمر ؟
من نافلة القول ان استقلالية حضرموت ، وامتلاكها قرار نفسها ، وأبعادها عن التهميش ، ورفضها للخنوع والتبعية و الوصايا لمن يأتي من خارجها هو مطلب الجميع و بداية الطريق الصحيح و اول ما يجب أن نأخذ به ، و لا نبالغ أن قلنا يفترض أن يكون هذا مقدما على قضية نفط حضرموت المتجمع في خزانات الوقود ، وقضية التجنيد ، والخدمات وغيرها ، لانه طالما أنك لا تملك قرارك و قرارك دائما في يد غيرك لن تفلح او تستطيع أن تحقق شي .
يجب أن يقولها حلف حضرموت وكل القوى الحضرمية الأخرى المخلصة وبكل صراحة و بالفم المليان لمن اعتاد على نهب حضرموت وسلب منها قرارها وارادتها أننا بعد اليوم نرفض الوصايا والتبعية فنحن أصحاب الأرض وأهل شان ، وكما في المثل جحا اولى بلحم ثوره ، فما بيننا وبين اخواننا في اليمن شماله وجنوبه و و سطه حق الجوار ، وان من يعتقد من اخواننا اليمنيين أن له حق في الثروة النفطية لحضرموت ها نحن رضينا أن تكون هناك نسبة تدفع للمركز و بما يتفق عليه بين الطرفين ، على قاعة لا ضر ولا ضرار ، هذا في ماذا اعتبرنا أن النفط ثروة سيادية لكل اليمنيين ، فالندفع لإخواننا نصيبهم وبطيب نفس ، أما الموارد الأخرى السمكية والزراعية والسياحية والضرائب وعائدات المنافذ وغيرها من الموارد الاقتصادية المحلية فهي ملك للمجتمع المحلي ، كما هو الحال للمجتمعات المحلية اليمنية الاخرى ، وكذا اعداد الخطط والبرامج والأنظمة الاقتصادية والسياسية والاستثمارية وسن القوانين هي ملك لمجتمعنا الحضرمي المحلي ليس للآخر فيها أدنى تدخل وهي شان داخلي ، فأهل مكة أدرى بشعابها.
على الحضارم اليوم و بكل أطيافهم أن يصطفوا لجعل حضرموت لهم وحدهم، من خلال حكم محلي واسع الصلاحيات ، ينظر في افضل النماذج المعمول بها في كثير من البلدان وتتناسب مع واقعهم ، اتمنى أن لا يفهم من قولي هذا انها أنانية أو عنصرية ، ولكن نقول دعوا حضرموت وشأنها في تقرير مصيرها و اعطوها الفرصة في ان تقود لا تقاد وتقدم لليمن النموذج الاحسن في الإدارة الذاتية و الذي أنا على يقين أنه فما إذا كتب لها النجاح سيحتذى بها في ما بعد في هذا الشان ، و أن الإرادة الحضرمية في الداخل والمهجر فيما إذا اتيحت لها الفرصة قادرة على أن تعطي وبدون كلل كل ما لديها ، ولن تمضي سنوات قليلة الا وقد نهضت حضرموت ، نهضة عظيمة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا وادبيا وعلى كل الصعد ، المهم أن ترفع القبضة الحديدية عنها ، والتلويح لها دوما بالعصاء الغليظة وكتم انفاسها ، بل و النظرة الاستعلائية على اهلها وبأن يظلوا عبيدا في بلادهم تحت امراءة اسيادهم ، وما سياسة التجويع والتركيع والمكر والخداع والمراوغة والتسويف تجاه حقوقهم المشروعة والأخلاقية و الانسانية إلا دليل على ذلك وبما لا يدع مجالا للشك .
نسأل الله الهداية والتوفيق والرجوع للصواب ودمتم بخير وعافية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق