بقلم / الاعلامي : عبدالله باصهي .. حماس تستثمر “طوفان الأقصى” في ورقة الردع العسكرية لإرباك إسرائيل  - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الخميس، 24 أبريل 2025

بقلم / الاعلامي : عبدالله باصهي .. حماس تستثمر “طوفان الأقصى” في ورقة الردع العسكرية لإرباك إسرائيل 

تواصل حماس استثمار عملية "طوفان الأقصى" في ترسانة أوراقها المتعددة التي تشمل القوة العسكرية والدبلوماسية والإقليمية والإعلامية، في ظل مفاوضات وساطة مصرية–قطرية–أمريكية تقترح هدنة تمتد بين خمس إلى سبع سنوات مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى والرهائن الذين بحوزة الطرفين، ويبلغ عددهم نحو 59 رهينةً فلسطينيةً وإسرائيليةً حاليا.

 رغم انتفاء الهدنة وإنهاء إسرائيل للتهدئة بعد ستين يومًا باستماتة قصفٍ مكثفٍ أسفر عن أكثر من 400 قتيل فلسطيني، بقيت كتائب القسام تردّ بصواريخٍ متتاليةٍ على المدن والمستوطنات دون وقوع وفيات بين المستوطنين، مبرهنةً بذلك على قدرتها على ردع الاحتلال . 

في الوقت نفسه، تعزز حماس حضورها الإقليمي عبر دعم علني من حلفاء المقاومة كحزب الله والحوثيين، كما تتسابق المنصات الإعلامية الدولية لتسليط الضوء على الوجه الإنساني للضحايا في غزة، وهو ما ضاعف الضغط على الحكومات الغربية لإعادة النظر في مواقفها .

وبما انه استهلت كتائب القسام ردها على الانتهاك الإسرائيلي للهدنة بإطلاق عشرات الصواريخ على القدس والمحيط الجنوبي لـتل أبيب، إشارةً إلى أن قدراتها الصاروخية ما زالت قائمة ومتصاعدة رغم القصف المتواصل للمخازن والأنفاق .

 وعلى الرغم من إعلان الحكومة الإسرائيلية عن نيّتها "إعادة تأهيل الردع" عبر ضرب أهداف إستراتيجية في قلب غزة، وصلت حصيلة القتلى الفلسطينيين خلال ساعات إلى أكثر من 400 مدني، بينهم نساء وأطفال، ما يؤكد الضربة النفسية التي طالما حاولت تل أبيب ترويجها وتفشّل أمام صمود المقاومة .

حيث ترتكز حماس في تهدئتها على ورقة الأسرى كقسمٍ لا يتجزأ من معادلة التفاوض، إذ يجري حاليا تنسيقٌ غير مباشر مع الوسيطين المصري والقطري وأطراف أميركية لبلورة صيغة هدنة طويلة الأمد تمتد من خمس إلى سبع سنوات، مقابل الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين والإسرائيليين.


 ويُعتقد أن الحركة قبلت مبدئياً بشروط هذه المبادرة بالرغم من تحفظات إسرائيلية، كما أحجمت حماس عن تبنّي المبادرة الإسرائيلية بالهدنة المؤقتة 45 يوماً ما لم تتضمن ضمانات حقيقية لوقف كامل لإعادة الانتشار والانسحاب من غزة، مما يعزز ورقتها السياسة في أي جولة قادمة من المباحثات .


لذا لم تتخلّ حماس عن شراكتها مع "محور المقاومة"، حيث أعرب حزب الله اللبناني عن تأييده الكامل للعملية واعتبرها رداً مزلزلاً على ممارسات الاحتلال، كما أكدت جماعة أنصار الله (الحوثيّون) في اليمن استعدادها لدعم المقاومة إذا تواصل قصف المدنيين في غزة. 

وقد أدى هذا الدعم الرمزي واللوجستي لأوراق المقاومة إلى إرباك الاستراتيجية الإسرائيلية التي حاولت عزل غزة جغرافيا وسياسيا، لكن تصاعد افتعال جبهات جديدة في لبنان واليمن قد يُثبت مبدأ التهديد متعدد الجبهات أمام تل أبيب.

لقد نجحت حماس في قلب موازين المعركة الإعلامية عبر استثمار مشاهد الدمار والألم التي بثتها كاميرات الناشطين والصحفيين على المنصات العالمية، فانتشرت صور الأطفال والنساء تحت أنقاض منازلهم، ما أثار موجة استنكار دولية دفعت بعض العواصم الغربية إلى مطالبة إسرائيل باحترام "القانون الإنساني الدولي"، كما استخدمت الحركة الوسوم الرقمية (#غزة_تنزف، #القدس_تنتصر) لتركيز الاهتمام على معاناة المدنيين، في تحدٍّ واضح للحرب الإلكترونية الإسرائيلية التي سعَت إلى تشويه صورة المقاومة.

وإذا ما استمر التصعيد الحالي، فهناك احتمال لشنّ إسرائيل لهجوم بري محدود في القطاع، تليه مواجهات ضارية في الضفة الغربية وربما لبنان، ما يعيد إحياء "خيار القوة" على حساب الحل السياسي، ويعمّق جراح المدنيين ويؤجل أي إمكانية لحل شامل، بالمقابل، يُمكن لفرضية الهدنة الطويلة أن تجد طريقها إلى التنفيذ قبل زيارةٍ مرتقبة للسفير الأمريكي إلى المنطقة في مايو. 

شرط ضمان استجابة إسرائيلية حقيقية ووجود قوة دولية لضبط الانتهاكات، وهو ما تسعى له القاهرة والدوحة منذ أشهر، وفي أسوأ الحالات، قد يتحوّل الصراع إلى مواجهة استنزافية بلا نهاية، حيث تستمرّ القنابل في إسقاط المزيد من الضحايا، وترسو المبادرات الدبلوماسية في مرايا المصالح المتضاربة، وتبقى غزة مسرحًا لمأساة مفتوحة لا تبدو لها بوادرُ إنفراجٍ قريبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق