بقلم / سالم عوض الربيزي .. صوت طفلة من خلف القضبان ،وجع سبع سنوات يبحث عن عدالة - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الأحد، 23 نوفمبر 2025

بقلم / سالم عوض الربيزي .. صوت طفلة من خلف القضبان ،وجع سبع سنوات يبحث عن عدالة

 لم يكن بكاء طفلةٍ صغيرة هو ما شدّ انتباه الناس إلى قضية السجين صالح أنور عرار، بل ذلك الصوت المكسور الذي رفعته إلى السماء قبل أن ترفعه إلى البشر، تستغيث بخالقها لعل رحمةً تُفتح، أو بابًا ينكسر، أو قلبًا يتحرك على والدٍ غاب قسرًا منذ أكثر من سبع سنوات.

صالح عرار، ابن شبوة، يقبع في معتقل سري بمأرب دون محاكمة، دون زيارة، دون سماع لصوت أسرته، ودون أن تعرف ابنته سبب غيابه أو مصيره. سنوات تمرّ، وطفلة تكبر، وكل ما تملكه من والدها هو الدعاء… ودعاءها وحده كافٍ لفضح وجعٍ صامتٍ طال أمده.

القضية ليست مجرد احتجاز، بل جريمة إخفاء قسري مكتملة الأركان. جريمة تُرتكب بحق رجل وبحق عائلته، وبحق طفلة لا تفهم لماذا يُحرم والدها من حقه الطبيعي في محاكمة عادلة، ولماذا يُمنع من رؤيتها أو حتى سماع صوتها. سبع سنوات من العزلة القسرية لا يمكن تبريرها بأي ذريعة، مهما كانت الاتهامات – إن وُجدت أصلًا.

لكن الموجع أكثر من غياب الأب… هو غياب الموقف.
خذلتها مدينتها، خذلتها قبائلها، خذلها المشايخ والأعيان والإعلاميون، وصمتت الجهات الرسمية صمتًا طويلاً ومؤلمًا. وحتى مأرب، التي عُرفت بالنخوة والمروءة، تركت الملف يتآكل خارج إطار القانون، وسمحت باستمرار احتجاز الناس دون محاكمة ودون حقوق.

وفي تلك السجون، لا يقبع عرار وحده؛ هناك آخرون طال غيابهم، وآخرون مجهولو المصير، يعيش ذووهم على قلقٍ لا يهدأ وخوفٍ لا ينتهي، لا يعرفون هل أبناؤهم ما زالوا أحياء أم صارت ذكراهم معلقة بين جدران لا يجرؤ أحد أن يسأل عنها.

إن قضية عرار اليوم ليست قضية عائلة فقدت معيلها فقط، بل قضية مجتمع تُهان فيه العدالة، وسلطة تُختبر في قدرتها على الوقوف أمام الانتهاكات، ومسؤولين يواجهون سؤالًا أخلاقيًا قبل أن يكون قانونيًا:
لماذا يُحرم رجل من محاكمة عادلة؟
ومن يملك حق انتزاع أبوة رجل عن طفلته؟
ومن يعطي أي جهة سلطة منع الزيارة أو إخفاء المصير؟

إن الصمت على هذه الجريمة هو مشاركة فيها.
والموقف الضعيف هو تواطؤ.
والتجاهل هو امتداد لوجع الطفلة التي لا تملك سوى أن تقول:
"يا رب… رجّع لي أبي."

هذه القضية تستدعي موقفًا حقيقيًا وشجاعًا من السلطة، من المجتمع، ومن كل ذي ضمير.
وإن لم تتحرك الجهات الرسمية، فعلى أهالي المعتقلين أن يجتمعوا، أن يرفعوا أصواتهم، أن يستخدموا كل الوسائل القانونية والحقوقية لانتزاع حقهم الطبيعي في معرفة مصير أبنائهم وإطلاق سراح من طالت بهم السنوات خلف تلك الأسوار.

فلا شيء أقسى من انتظارٍ بلا نهاية…
ولا شيء أوجع من طفلة تنادي أباها ولا تجد من يعيد لها صوته.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق