بقلم / انس علي باحنان ..الإضراب المشوَّه ، عندما يُطعَن التعليم بخنجرَين ، سلطةٌ غائبة ولجانٌ مُضلِّلة - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الأحد، 16 نوفمبر 2025

بقلم / انس علي باحنان ..الإضراب المشوَّه ، عندما يُطعَن التعليم بخنجرَين ، سلطةٌ غائبة ولجانٌ مُضلِّلة

تعليقُ الإضرابِ جزئيًّا ابتداءً من يوم الأحد القادم، الموافق ١٩ نوفمبر، بحيث يكون الدوامُ في يوم: الأحد – الاثنين – الثلاثاء، والتوقّف عن العمل في: الأربعاء – الخميس… هذا إضرابٌ جزئيٌّ يعقبه إضرابٌ كاملٌ حتى إشهار النقابة، ومنحها صلاحياتها، و ملحه صرف الرواتب، وصرف علاوة بدل المواصلات التي لا يُعرَف ما حقيقتها ولا ماهيّتها.
هذه تقليعةٌ جديدة و«موضةٌ» مبتكرة، وبراءةُ اختراعٍ في نسخةٍ محسّنة لما يسمى بلجنة أنا معلّم ولجنة المتعاقدين. أمّا لجنة أنا معلم فهي صاحبةُ المبادرات المتكررة في خذلان المعلّم، ولا ينازعها في ذلك أحد. وأمّا لجنة المتعاقدين، الموقّعة هي الأخرى على البيان، فهذه اللجنة لا تعنينا نحن المعلّمين الثابتين في شيء، لا من قريبٍ ولا من بعيد؛ فملف التعاقد والمتعاقدين ملفٌّ مستقلٌّ بذاته، جرى حشرُه حشرًا في حقوق المعلّمين الثابتين المشروعة والأصيلة. وقد أصبح ملفًّا تنبعث منه روائح الفساد التي تزكم الأنوف.
ونحن نترقّب — بإذن الله تعالى — وزيرَ تربيةٍ جديدًا نزيهًا، وتغييرَ مديري مكاتب التربية والتعليم في حضرموت، ليحلّ محلّهم كفاءاتٌ وطنيةٌ مخلصة تؤدّي رسالة التعليم بأمانة، وتفتح هذا الملف المسمّى بملف المتعاقدين، وتضع له حدًّا، أو يقضي الله فيه أمرًا كان مفعولًا.
نعود إلى «تقليعة» الإضراب الجديدة للجنة ما يسمى أنا معلّم، ونقول: إن السلطةَ والحكومة، بمختلف أطرها التنفيذية والقضائية، بتجاهلها حقوقَ المعلّم وإضرابَه المشروع، قد طعنت التعليمَ بخنجرٍ مسموم، وأردته قتيلاً. وما يسمى بلجنة أنا معلم لم تكتفِ بقتل التعليم، بل مضت تعبث بجثمانه، وتقطع أوصالَه قطعةً بعد أخرى، عبر إضرابٍ مشوّهٍ مهزوزٍ أرادوا به حفظ ماء الوجه، فإذا به وصمةُ عار على من صاغه وخطّط له.
طوال السنين الماضية لم تقدّم بياناتُ وإعلاناتُ إضراب لجنة أنا معلم شيئًا يُذكَر للمعلم أو الطالب، سوى إضاعة المناهج والمقررات الدراسية، عبر إضرابٍ يعقبه رفعٌ، ثم إضرابٍ يعقبه رفع… وهكذا دواليك، حتى صارت حقوقُ المعلم في خبر كان، واختلط فيها الحابلُ بالنابل.
واليوم تطلّ علينا «موضةٌ» جديدة للإضراب المشوّه، هدفُها صناعةُ دربكةٍ وفوضى في التعليم، وزيادةُ تعقيد أوضاعه فوق ما هي عليه. إننا نناشد، ونستغيث، لوقف هذا العبث وهذه المهازل؛ فقد قلنا مرارًا إن التعليم هو آخر الحصون والمعاقل، فإن سقط، فعلى الدنيا السلام.
أين مؤسساتُ الدولة؟ أين مؤسساتُ المجتمع المدني؟ أين الشخصياتُ الاجتماعية والرموز الوطنية مما يحدث؟ فإذا كان محافظُ المحافظة قد جاء إلى وادي حضرموت لوضع حجر أساس لمشاريع رياضية ومشاريع طرق، ولقاء بعض الشخصيات، فإن الواجب كان يقتضي أن يلتقي بقادة المجتمع ورموزه من المعلّمين المضربين، لتدارس شؤون حقوقهم، وضمان عودة التعليم إلى المدارس، وصرف الحقوق بما يكفل استمرار العملية التعليمية وتحسين جودتها.
فإذا كان هذا هو موقفُ السلطة بالمحافظة، فلا ينبغي لمؤسسات المجتمع المدني — بأطرها وشخصياتها — أن تقع في هوّة السلبية ذاتها.
نُجدّد الصرخة من جديد:
أنقذوا التعليم… وارحموا فلذات أكبادكم… وارحموا شباب المستقبل من ضياع مصيرهم العلمي، ورميهم في مجهولٍ سحيق. قد نتقبّل كلّ الظروف الاقتصادية والمعيشية، إلا أن يُهدَم التعليم، بمعاول الهدم، سواء من أعدائه من الخارج، أو من المحسوبين عليه بالاسم.
وإن كنا نتحدث عن إصلاحات اقتصادية ومالية يقودها رئيس الوزراء سالم بن بريك، ومدعومة من الأشقاء والأصدقاء، فإن هذه الإصلاحات ستظل في مهبّ الريح ما لم تُحلّ مشكلة المعلّم، ويُعطَ حقوقه فورًا، وتُعاد له كرامته، ويُضرب بيدٍ من حديدٍ على من يسيء إليه أو ينتقص من قدره. فصمامُ أمان أي نهضة هو إصلاح مسار العقل والمعرفة، وغذاء الروح، وهو العلم. وإن تجاهلنا هذه الحقيقة بقي طموحُنا للتغيير في مهبّ الريح.
فالمجتمعات لا تُبنى إلا بالعلم، ولا يقودها إلا العقل المتنوّر المخلص. أمّا تركُ أمورنا المصيرية للغوغاء، وأنصاف المتعلمين، فهو حكمٌ على المجتمع بالإعدام، وعلى الدنيا بالسلام.
إن على المعلّمين اليوم أن يرصّوا صفوفهم من جديد، وأن يختاروا قياداتٍ وطنيةً جديدة، تستشعر حجم المسؤولية، وتدافع عن حقوقهم بإصرار، وترفض أن يُقادوا كقطيع، يُساق ولو إلى مذبحه. لا أظنّ معلّمًا  يقبل بما تقوم به ما تسمّى لجنة أنا معلم ومن دار في فلكها.
فنحن أصحابُ قضيةٍ عادلة، وعلينا أن نعمل لها بكل ما أوتينا من قوة، والنصر من عند الله.
وأمّا الزَّبَد فيذهب جفاءً، وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
وبالله التوفيق. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق