كان جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه رجلاً من أهل اليمن، وقد أخبر رسول الله صلي الله عليه وسلم صحابته الكرام بصفاته، فقد كان جرير جميل الوجه حسن المنظر، كما كان شجاعاً كريماً وذات يوم قدم إلى المدينة في رمضان، ودخل من الباب التي آشار الیه الرسول صلي الله عليه وسلم من قبل وكان بالفعل كما أخبر عنه الرسول صلي الله عليه وسلم، فبسط له رداءه وقال: إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه، قال له الرسول بنية ذات يوم: يا جرير ألا تريحني من ذي الخلصه ( وهو بيت للأصنام ) وكان جرير لا يثبت على ظهر الخيل، فذكر ذلك للرسول صلي الله عليه وسلم فضرب بيده علي صدره وقال : " اللهم ثبته وأجله هادياً مهدياً " فما وقع بعد ذلك عن فرس .
وأنطلق جرير مع مائة وخمسين فارساً من قومه وأشعل النيران في ذي الخلصة وقام بهدمها، فأصبحت يحيط بها السواد من كل جانب، فأرسل جرير رجلاً ليبشر النبي صلي الله عليه وسلم بخلاصه من هذه الدار .
وقد عرف جرير بصدقه وإيمانه وشجاعته، وذات يوم أرسل إليه الفاروق عمر رضي الله عنه ليخرج مع قومه إلى مقاتلة الفرس، ولهم ربع ما يغتنمونه من عدوهم، وكان الفرس بعد الهزائم التي لحقت بهم قد جمعوا الجموع في مكان عرف باسم "جلولاء" وقد حفروا حوله خندقا عميقا، فخرج المسلمون بجيش تعداده 12 ألف بطلاً من المهاجرين والانصار، وحاصروا الفرس وأنتصروا عليهم وأقتحموا عليهم الأبواب فانهزم المجوس، ولاذوا بالفرار، وقتل منهم عدد كبير وكان على رأس الهاربين قائدهم مهران، ولكن أحد قادة المسلمين لحقه وقتله .
وبعد ذلك تم جمع الغنائم الكثيرة فطالب جرير بأخذ ربعها كما كان الإتفاق مع الخليفة عمر رضي الله عنه، فتوقف قائد الجيش عن التوزيع وكتب إلى الخليفة عمر فكتب عمر إليه: صدق جریر، قد أتفقت معه على ذلك، فإن كان قاتل هو وقومه قد أتفقت معه علي ذلك فإن كان قاتل هو وقومه من أجل الغنائم فأعطوهم ما أتفقنا عليه، وإن كان قتاله لدين الله والجنة فله نصيب واحد من المسلمين، فلما قرأ جرير كتاب عمر قال : صدق أمير المؤمنين، لا حاجة لي بذلك، انا رجل من المسلمين أختار الجنة على الغنيمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق