مقال : ناصر بامندود "لا تخدعنكم المظاهر" - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الاثنين، 19 أغسطس 2019

مقال : ناصر بامندود "لا تخدعنكم المظاهر"

في مجتمعي بسبب الجهل العلمي و المعرفي للأكثرية، و إهمال الأغلبية من الشباب وأعني بالشباب " الجنسين على حد سواء " للقراءة .. حيث أننا نجد الشباب يمضون الساعات الطوال في التصفح و الدردشة على وسائل التواصل الإجتماعي دون أي فائدة تذكر ! أو متابعة البرامج السطحية، أو صب كل طاقتهم على مباريات كرة القدم، أو في اللعب بواسطة جهاز الهاتف ، هكذا يقضي شبابنا أوقات فراغهم، و أحياناً حتى أوقات عملهم!
إلا من رحم ربي منهم دون أن يدركوا قيمة الوقت ، فالوقت كما يقول عنه بنجامين فرانكلين : " هو مادة الحياة "، و بالمناسبة فرانكلين هو ممن أثروا في حياة الإنسانية عامة، و في مسار بلاده خاصة فهو المخترع، والمناضل، والصحفي، والموسوعي، وهو من يعرف جميعنا شكله، لكن القليل منا فقط من يعرف بأن هذا الإسم هو الشخص الموجود على فئة المائة دولار أمريكي!

المهم في ظل كل هذه العوامل تم نفخ بعض الأسماء الشابة مدعية " القراءة " على وسائل التواصل الإجتماعي، و في الجلسات والمحادثات التي يجلسون فيها مع البسطاء، ومحدودي الثقافة فأعطى المجتمع لتلك الفئة ما ليس فيها، و أكثر بكثير من حجمها ! حتى يخيل إليك مما يصل لك عنهم، ومما يقال فيهم بأنهم هم قراء هذا العصر، و رواد المعرفة، وأصحاب الرأي السديد، و القول المفيد، فتعتقد بأن هؤلاء من المصابين " بالببلومانيا " ولمن لا يعرف ماهي  " الببلومانيا ":  هي علمياً مرض نفسي أعراض المصاب به الهوس الذي يصيبه في حب إمتلاك الكتب ، إذ بك إذا جالست  أحدهم لمدة عشر دقائق فقط تتفاجئ بفارغ العقل، وغياب تلك الصورة التي رسمها من أمامك لنفسه، و أنه ضحك على مجتمعه ، و ربما هو نفسه وقع ضحية كلام مجتمعه!

فنحن في مجتمع غريب المعايير، يجعل من كل من يمتلك كاميرا أو يلتقط بعض الصور صحفياً..
و يجعل من كل هاوي " فوتشوب " إعلامياً!
إن امتلاكك لبعض الثقافة، و قرأتك لبعض الكتب، وسماعك لبعض الكلام النافع، لا تعني يا عزيزي بأنك أصبحت المنفلوطي، أو الطيب الصالح، أو علي أحمد باكثير ! فلا تتظاهر بما لست عليه مستغلاً طبيعة مجتمعك أو وقعاً أنت في فخة، بل يعني ذلك أن تكون صادقاً مع نفسك اولاً ثم مع مجتمعك ، وأن تطور من نفسك فتقرأ أكثر و أكثر، لتكون كما تريد، و تصل إلى ما تحب أن تكون عليه بحق.

و يا مجتمعي سأقول لكم لاتصدقوا كل ما تشاهدون، ولا تخدعنكم المظاهر، فمن المؤكد هناك من هم فيهم قراء بشغف، وهم بحق كما ينشرون و يتحدثون ، لكن صدقوني إن أكثر من ينشرون صور الكتب على وسائل التواصل الإجتماعي لم يقرؤء منها إلا وريقات معدودة ، ومثلا لنعرف مدى عشق هؤلاء الفئة "مدعية القراءة " لمظاهر الثقافة، و الحكمة المزيفة،  وجدت فيهم من يأتي " بعبارات و أقوال " لأدباء وشخصيات عالمية من الصفحات المنتشرة على تطبيقات الهاتف، وليته على الأقل اقتباسها من أحدى الكتب التي يدعون التهامها ليلاً و نهار ثم يضع على هذه العبارات اسمه و ينسبها لنفسه ! و ما يدعوك للاستغراب أن تجد عشرات الإعجابات ، وعدد من التعاليق المادحة دون أن يعرف أحد المتفاعلين أن تلك المقولة أو العبارة ليست لهذا الشخص ! بل في أكثر من مرة أجلس رفقة شخص فيأتي لي بعبارة لشخصية مرموقة في وطننا العربي أو على المستوى العالمي ثم يقول لي أسم من أسماء هولاء الفئة المدعية هو من قالها!

في الختام لا تجعلوا من هؤلاء مثقفوكم، وثقفوا أنفسكم بأنفسكم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق