وُلد الشيخ نادر عبد العزيز النوري عام 1954م بدولة الكويت، حيث ترعرع ونشأ فيها، وتعلّم في مدارسها. وكان منذ صغره محبًا للعلم، متأثرًا بالبيئة التي نشأ فيها، فقد كان والده يمتلك مكتبة كبيرة، وكان شاعرًا وأديبًا ويعمل في المحكمة الشرعية. وكان العمل الخيري متأصلًا في جذوره، إذ كان جده الشيخ محمد النوري، و عمه الشيخ عبد الله النوري، من رجالات الخير الأوائل ومن علماء الكويت، وقد تركا بصماتهما في شخصية الشيخ نادر النوري مبكرًا وهو صغير، حتى أصبح بعد ذلك مؤهلًا ليكون أحد قادة العمل الخيري في الكويت.
تلقّى تعليمه في جميع المراحل الدراسية بالكويت، ثم نال البكالوريوس في إدارة الأعمال، والماجستير والدكتوراه في الدراسات الإسلامية واللغة العربية من جامعة الكويت عام 1984م. وكان رحمه الله لا يرغب أن يناديه أحد بلقب الدكتور.
دعاه عمه الشيخ عبد الله النوري، رئيس جمعية النوري، وأجلسه بقربه وأعطاه صندوقين: الأول به أمانات، والآخر كان تبرعات ومساهمات من أهل الخير، فأوصاه بأن يرجع الأمانات إلى أهلها بعد موته، وأن يستثمر أموال التبرعات في مشاريع خيرية. وأصبح الشيخ نادر أمين عام الجمعية، ونقل العمل فيها من الفردي إلى المؤسسي، وكان نموذجًا رائعًا للتواصل مع أهل الخير في سائر دول العالم من خلال تأسيس الكثير من المشاريع ودعم المؤسسات الخيرية، فلا تكاد تجد بلدًا في العالم إلا وللشيخ نادر بصمة فيه. وكان رحمه الله دائم الترحال في ديار الإسلام، يتفقد أحوال المسلمين ويداوي جراحهم بما يجمعه من إمكانيات من أهل الخير. وما كان يسمع بمقترح إلا ويحوّله إلى مشروع قائم على أرض الواقع. وقد ألّف كتابين بعنوان رسائل الإخاء.
وكان له عضويات متنوعة في منظمات ومؤسسات عديدة، منها: أمين عام ورئيس مجلس الاداره بجمعية الشيخ عبد الله النوري الخيرية، ورئيس لجنة التعريف بالإسلام، ورئيس لجنة فلسطين، ومديرا عاما بالهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وعضوًا مؤسسًا في اللجنة الكويتية المشتركة للإغاثة، وعضوًا في مجلس اليوم العالمي للمتطوعين، وخطيبًا متطوعًا في وزارة الأوقاف، ومديرًا لإدارة العلاقات الخارجية في وزارة الأوقاف، وعضوًا في مجلس أمناء مؤسسة الإغاثة الإسلامية عبر العالم (بريطانيا)، وعضوًا في مجلس الكلية الإسلامية الأوروبية.
اهتم الشيخ نادر بالعديد من المشاريع، منها بناء المساجد والمدارس والمستشفيات والمراكز الإسلامية، وكفالة طلاب العلم والأيتام والأرامل والدعاة، وطباعة المصاحف، وتوزيع الأضاحي، وإفطار الصائمين عبر الجمعية.
وسافر الشيخ نادر النوري، رحمه الله، إلى ما يقارب (70) دولة في المشرق والمغرب، في أعمال إنسانية وخيرية وإغاثية دون أن يمل أو يكل، رغم التزاماته الصحية والأسرية. وجال في كثير من بلدان العالم، منها السودان، اليمن، الصومال، ماليزيا، أستراليا، إندونيسيا، الصين، المكسيك، اليابان، الهند، باكستان، الفلبين، روسيا، ألبانيا، البوسنة والهرسك، إثيوبيا، نيجيريا، إريتريا، سريلانكا، كمبوديا، سنغافورة، كوسوفو، والكثير من دول شرق آسيا، وأمريكا الجنوبية وغيرها، وكان مصاحبًا للشيخ عبد الله المطوع والعم يوسف الحجي. وقد تشرفنا باللقاء به رحمه الله.
كان يردد دائمًا "أهم القضايا التي تشغلني هي قضية الأقصى الأسير..."
وساهم في رعاية أبناء فلسطين المتواجدين في المهجر. ومن مواقفه المؤثرة أنه رأى في أفريقيا عجوزًا تريد أن تشرب الماء، والناس مزدحمون يملأون، وهي لا تستطيع مزاحمتهم، فتذكر الآية: {فَسَقَى لَهُمَا..}فذهب وسقاها.
ونستلهم من سيرته أن للإرث العائلي دورًا في صناعة القادة وصقل الشخصية، وأن التواضع سمة العلماء، والتحول من العمل الفردي إلى المؤسسي المستدام، والشمولية في العطاء في جميع المجالات الإنسانية، والاهتمام بتحويل الأفكار الإبداعية إلى واقع عملي، والإصرار والعزيمة والوفاء للقضية الكبرى: الأقصى الشريف، مهما كانت الظروف.
انتقل الشيخ نادر النوري إلى رحمة الله في أبريل عام 2014م بالكويت عن عمر ناهز (60) عامًا، وتم تشييع جنازته في موكب مهيب من مختلف الجنسيات، بعد رحلة طويلة من البذل والعطاء في العمل الإنساني. قلب وعى هموم الامة.نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته.
المراجع:
*الوفاء الصراح لتراجم الرجال.
*موسوعة العمل الإنساني.
*مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني.
🖋️د. عبد الله رمضان باجهام
باحث في العمل الإنساني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق