بقلم/ سالم عوض الربيزي .. محمد بن زايد ،من نفوذ المصالح إلى هندسة الفوضى - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2025

بقلم/ سالم عوض الربيزي .. محمد بن زايد ،من نفوذ المصالح إلى هندسة الفوضى

لم تعد تحركات محمد بن زايد في السودان مجرد مساعٍ اقتصادية مشروعة أو تنافس سياسي على النفوذ، بل تحولت إلى مشروع تخريبي واسع، يستهدف البنية الوطنية للسودان ويمسّ استقراره وسيادته بشكل مباشر. فالموانئ والذهب ليست سوى واجهة لمخطط أعمق، يتغذى على تفكيك الدول وتمزيق المجتمعات وإعادة تشكيلها وفق مقاييس تتناغم مع مصالح قوى خارجية، لا مع إرادة شعوب المنطقة.

ما يجري في السودان لا يمكن وصفه بأنه "دعم لفصيل" بقدر ما هو تغذية ممنهجة لصراع داخلي، وكأن الخراب أصبح عند بن زايد وسيلة نفوذ، أو نشوة لا تكتمل إلا حين تنهار الدول من الداخل. هذه ليست سياسة دولة تبحث عن شراكات أو نفوذ إقليمي متوازن، بل سلوك من يرى في الفوضى طريقًا للهيمنة.

في المقابل، يقف الجيش السوداني، بتاريخ يمتد لأكثر من عقود، مدعومًا بحاضنة شعبية راسخة والتفاف وطني واسع، ومعه دعم عربي تقليدي نابع من إيمان بضرورة الحفاظ على وحدة السودان. هذا الجيش يواجه فصيلًا انفصاليًا هشًا لا يستند إلا إلى المال والسلاح والتوجيه الإماراتي، في معركة لا تخدم إلا أجندة الخارج.

ولا شك أن الإمارات تمتلك قدرات اقتصادية وعسكرية وأمنية متقدمة، جعلتها تتفوق في التخطيط والتموضع الإقليمي، لكن المأساة تكمن في تسخير هذه القوة ضد إرادة الشعوب، وفي تحويل أدوات التأثير إلى وسائل هدم بدل أن تكون أدوات بناء واستقرار.

التدخل الإماراتي في السودان ليس حادثة منفصلة، بل حلقة من سلسلة ممتدة في اليمن وليبيا وعدة بلدان عربية وإسلامية أخرى، حيث تكررت الأنماط نفسها: تمزيق النسيج الوطني، صناعة كيانات موازية، وشراء الولاءات على حساب وحدة الأوطان.
كل ذلك خدم عمليًا مشروع التفكيك الإقليمي، وفتح الباب أمام الكيان الصهيوني ليتمدّد أكثر في الجغرافيا السياسية العربية، من دون أي مردود استراتيجي حقيقي على المصلحة الإماراتية ذاتها، إلا في اليمن وبعض المناطق التي تمكنت فيها مؤقتًا من تحقيق نفوذ محدود.

في نهاية المطاف، ما يفعله محمد بن زايد لا يُعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة كما يظن، بل يُعيد رسم صورة الإمارات ذاتها — دولة كانت تُقدَّم كنموذج للاستقرار والازدهار، فإذا بها تتحول إلى لاعبٍ يزرع الأزمات ويستثمر في تمزيق أوطانٍ كان يمكن أن تكون شريكة في نهضتها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق