بقلم / سالم عوض الربيزي .. حضرموت بين الحق والوصاية،حين يتحول الدين إلى سلاح سياسي - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2025

بقلم / سالم عوض الربيزي .. حضرموت بين الحق والوصاية،حين يتحول الدين إلى سلاح سياسي

.com/img/a/

لم يعد الصراع في حضرموت مجرد خلاف سياسي عابر، بل تحول إلى مواجهة بين مشروع يريد فرض الوصاية، وبين مجتمع يرفض أن تُدار أرضه وثروته من خارجها. الإمارات والمجلس الانتقالي اعتمدا على القوة العسكرية والدعاية الإعلامية لتسويق نفوذهم، لكن حين اصطدما بجدار الوعي الاجتماعي الحضرمي، انتقلا إلى أخطر أدوات التأثير: استخدام الدين لتجريم الخصم.

في الخطاب الجديد، يصبح ابن حضرموت الذي يطالب بحقه “خارجاً عن الدين”، وتصبح المقاومة المدنية “فتنة”، ويُبرر استخدام السلاح ضد المجتمع المحلي بفتاوى مأجورة. هذا ليس صراعاً عقائدياً، بل محاولة تحويل الخلاف السياسي إلى معركة وجود ديني، لإسكات أي صوت يعترض على الوصاية.

حلف قبائل حضرموت يمثل موقفاً واضحاً:
حضرموت تُدار بأبنائها، ولا تقبل بقوات خارجية تحكمها أو تصادر قرارها.
هذا الحلف ليس مشروعاً انفصالياً، ولا منصة عداء للجنوب، بل إطار اجتماعي يحمي الحق السياسي والاقتصادي لأهل الأرض، ويرفض أن تتحول المحافظة إلى مساحة نفوذ لآخرين.

في المقابل، يقدّم المجلس الانتقالي ومن خلفه الإمارات خطاباً يقول إن “المثلث” صاحب أحقية في حكم حضرموت وثرواتها، وإن رفض هذا المنطق هو تمرد يستحق العقاب. لكنه خطاب بلا جذور تاريخية ولا مشروعية ديمقراطية؛ فهو ينقل منطق المركزية القديمة التي قاومها الجنوبيون أنفسهم في الماضي.

النتيجة أن الصراع لم يعد حول النفط أو مواقع عسكرية فقط، بل حول من يملك الحق في تقرير مصير حضرموت:
أهلها الذين عاشوا فيها وتحمّلوا تحدياتها، أم مشاريع سياسية تستثمر في الدين والإعلام والسلاح لترسيخ نفوذها؟

الدين هنا ليس طرفاً في المعادلة، ولا يجب أن يكون.
فالدين الذي يحمي النفس والحق والكرامة لا يجوز أن يتحول إلى رخصة لإخضاع الناس أو إباحة الدم. استخدامه كسلاح سياسي هو اعتداء على المجتمع قبل أن يكون اعتداءً على العقيدة.

حضرموت لا تطلب أكثر من حقها الطبيعي: إدارة شؤونها باحترام، وعدم الخضوع لهيمنة عسكرية أو فتوى مُستأجرة.
وهذا حق لا يحتاج إذناً من أحد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق