بقلم / سالم عوض الربيزي .. سقطت الدولة بخيانة أبنائها ، ووقف الإصلاح وحيدًا في وجه الخراب - صدى حضرموت | الإخبارية

أخر الأخبار

ترجمة - Translate

   

الثلاثاء، 9 ديسمبر 2025

بقلم / سالم عوض الربيزي .. سقطت الدولة بخيانة أبنائها ، ووقف الإصلاح وحيدًا في وجه الخراب

.com/img/a/

لم تسقط الجمهورية والوحدة دفعةً واحدة، ولم ينهزم مشروع الدولة من ضربةٍ واحدة؛ بل تهشّم ببطء تحت أنظار قوى سياسية فضّلت الصمت، وأحزاب وشخصيات اكتفت بالفرجة، وأطرافٍ انشغلت بتصفية حساباتها على حساب وطن يتداعى. وفي خضم هذا المشهد الرمادي القاتم، بقيت قلّة من القوى الوطنية صامدة في خندق الدفاع عن الدولة، وفي مقدمتها حزب الإصلاح، إلى جانب شخصيات وطنية مستقلة، ومناضلين جمهوريين داخل المؤتمر بقيادة مهندس مقاومة الجمهورية أحمد بن احمد الميسري، وقيادات مدنية وسياسية بقيت وفية لقيم الجمهورية ورافضة للمشاريع الصغيرة.


نختلف مع الإصلاح في كثير من التفاصيل والجزئيات، وربما تقاطعنا معه في لحظات واختلفنا في أخرى، لكن الحق يُقال: كان الإصلاح هو الصخرة الصمّاء التي تكسّرت أمامها مؤامرات القوى المعادية للدولة، وكان—مع من شاركه من الوطنيين—آخر جدار صدّ يقف بوجه السقوط الكامل. هذه حقيقة يُدركها كل من يعرف حجم الاستهداف، وحجم الحمل الذي حمله هذا التيار عندما انسحب الآخرون أو تخلّوا أو ساوموا.


ومع ذلك، وحين بدأت الجمهورية تترنح تحت ضربات المشاريع العابرة للحدود، والانقسامات الداخلية، والصراعات التي مزقت الجغرافيا، لم يتحرك كثيرون لإنقاذ الدولة… بل تحركوا للتشفي بالإصلاح، وكأن الوطن مجرد حصة حزبية، أو غنيمة يمكن اقتسامها بعد إسقاط خصم سياسي.


يا لسخرية المشهد!

تساق الدولة إلى الهاوية، وتُنتهك السيادة، وتُجزأ الأرض إلى مربعات نفوذ، وتُحاك المؤامرات من كل اتجاه… ومع ذلك يظل البعض يظن أن “المشكلة” هي وجود الإصلاح، لا غياب الدولة!


والمؤلم أكثر:

أن الوطن خُذل من داخل بيته قبل أن يُخذل من خصومه.

خُذلته أحزابه قبل أن يخذله أعداؤه.

تخلّى عنه من صنعته الانتخابية، ومن عاش من خيره، ومن رفعته الدولة يومًا ثم تركها حين احتاجته.


اليوم، نشاهد وطنًا يتمزق على مرأى الجميع، وجمهورية تنكمش، وسيادة تُستباح، وخرائط تُعاد رسمها على حساب ملايين اليمنيين، بينما يلتزم كثيرون صمتًا ثقيلًا يوازي حجم الجرح.


وهنا يكمن السؤال المرّ:

إذا كان هذا حجم الانهيار بينما الإصلاح—ومن معه من الوطنيين—لا يزالون في المشهد، فكيف سيكون شكل البلاد لو نجحت خطط إقصائهم أو إسقاطهم؟

من سيبقى ليحمل راية الجمهورية؟

من سيدافع عن الوحدة؟

من سيقف أمام مشاريع التفكيك والهيمنة؟


إن إسقاط الإصلاح أو تغييب القوى الجمهورية المتبقية لن يُنتج دولة، بل فراغًا يبتلع الجميع. سيكتشف أولئك المتلهفون لإقصائه أن دوام الوطن أهم من هزيمة حزب، وأن بناء الدولة أصعب من إسقاط طرف سياسي، وأن الفراغ الذي يخلّفه غياب المدافعين عن الجمهورية لا يملؤه التشفي ولا الانتصارات الوهمية.


لقد تعبت اليمن من المشاريع الصغيرة، من الأطماع، من المكايدات، من الحسابات الضيقة. وما لم تتوحد القوى الوطنية على مشروع جمهوري جامع، فسيكتب التاريخ أن هذا الوطن سقط لأن أبناءه تفرّقوا، لا لأن أعداءه كانوا أقوى.


ويبقى الدرس الأخير، المرّ حدّ الوجع:

من يفرّط اليوم بمن يقف على خط الدفاع الأخير عن الوطن… سيجد غدًا أنه يقف وحيدًا أمام وطنٍ لم يعد موجودًا.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق