بطبيعة الإنسان، هو دائما في تحد مع الذات والمجتمع الذي يعيش فيه، فهو يسعى دائما لإثبات ذاته وقبوله من قبل الآخرين ولكن أحيانا تأخذ بعض النفوس طرقا منحرفة وغير لائقة في سبيل البحث عن القبول والاعتراف.
أصحاب تلك النفوس يعشقون الذل، يتباهون بالعمالة، ويبتذلون في الخيانة. يحاولون بكل السبل إكمال عقدة النقص التي يعيشونها، متوهمين بأن هذا سيخرجهم من أزمة الضمير التي يعيشونها، وحالة البؤس والسخط التي تتبعهم في كل خطوة، وعند كل عملية استلام لذلك الفتات الذي يأتي نظير خيانة الوطن.
يتصيدون كل فرصة تأتي بالفتات والهبات الصغيرة، نظير العمالة والخيانة. ينكبون على توجيه الطعنات للوطن، والتشكيك في قادته، غافلين عن الواقع الذي يتداخل مع خيالاتهم السوداء.
هؤلاء ما زالوا يندرجون تحت قائمة الخاسرين الذين تصاحبهم دوما رائحة الاستهتار وعفن الخيانات، فهم يعيشون في دوامة من الشك والاكتئاب والاضطراب النفسي، لا يعرفون سوى العمالة والخيانة كطريق للبقاء وكسب الأموال، مستعدين للتضحية بكرامتهم وأخلاقهم من أجل تلك اللقمة التي ستكون وبالا عليهم يومها.
نعم، ستكون سببا في دمارهم النهائي. فتلك الضمائر والقيم التي يبيعونها للحصول على جزء ضئيل من المكاسب الدنيوية، دون أن يدركوا أنهم يضيعون أهم شيئا في الحياة، وهو الشرف والكرامة ستكون حسرة عليهم ما عاشوا.
فبراثن العمالة والخيانة التي يتلذذون بها وجعلوا منها منهج حياة لهم، واستعانتهم بأفعالهم الخسيسة لتطمئن قلوبهم المليئة بالنقص والضعف بها. وظنهم أنهم بذلك سيشبعون جوعهم الداخلي ويهزمون آفاتهم لن تطيب جراحهم. ولكن الحقيقة المرة أنهم لا يفعلون سوى زيادة جراحهم وتعمقها.
ففي نهاية المطاف، يبقى واقعهم البائس يلاحقهم ويطاردهم أينما حلوا وارتحلوا. فهم يعيشون بقيود الذنوب والخطايا التي صنعوها بأيديهم، ولا يجدون غير أنفسهم مذنبين ومراقبين من ضمائرهم الجائرة.
لذا، ينبغي عليهم الاستيقاظ من هذا السبات الذي يغلفهم والتفكير -بجدية- في تغيير طبيعة ومسار حياتهم ونهجهم، والعمل نحو استعادة قيمهم وكرامتهم المفقودة والتوبة من خطاياهم. فالعدول عن الذل والعمالة والخيانة قد يكون بداية بناء أنفسهم واستقامت أنفسهم وإرساء أسس حياة جديدة مفعمة بالحرية والشرف والكرامة والأنفة ومتوشحة بلباس الوطنية والانتماء والوفاء لدماء الشهداء وتضحيات شعبنا العزيز.
نحن نعلم بأن طريق الاستقامة لن يكون سهلا، ولكن إذا تمسكوا بالصبر والثبات والإصرار على التغيير نحو الأفضل، فإنهم سيجدون السعادة والسلام الداخلي الذي طالما بحثوا عنه بشغف. فالعزم والإرادة الصلبة قادرة على تحويل حياة الإنسان من ظلمة الذل والخيانة إلى نور الكرامة والشرف...
بقلم / سالم عوض الربيزي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق